وفي ذكر الله والدار الآخرة مع ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وفي قوله { للمحسنات } إشارات إلى أن اختيار الرسول صلى الله عليه وسلم سبب مرضاة الله وواسطة حيازة سعادات الآخرة ، وأنه يوجب وصفهن بالإحسان . والمراد بالأجر العظيم كبره بالذات وحسنه بالصفات ودوامه بحسب الأوقات ، فان العظيم لا يطلق إلا على الجسم الطويل العريض العميق الذاهب في الجهات في الامتدادات الثلاثة ، وأجر الدنيا في ذاته قليل ، وفي صفاته غير خال عن جهات القبح كما في قوله من الضرر والثقل ، وكذلك في مشروبه وغيرهما من اللذات ومع ذلك فهو منغص بالانقطاع والزوال . ويروى أنه حين نزلت الآية بدأ بعائشة وكانت أحبهن إليه فخيرها وقرأ عليها القرآن فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة فرؤي الفرح في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم اختار جميعهن اختيارها فشكر ذلك لهنّ الله فأنزل { لا يحل لك النساء من بعد } [ الأحزاب : 52 ] وروى أنه قال لعائشة إني ذاكر لك أمراً ولا عليك أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ثم قرأ عليها القرآن فقالت : أفي هذا استأمر أبوي فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة ثم قالت : لا تخبر أزواجك أني اخترتك فقال : إنما بعثني الله مبلغاً ولم يبعثني متعنتاً أما حكم التخيير في الطلاق فإِذا قال لها : اختاري . فقالت : اخترت نفسي . أو قال : اختاري نفسك فقالت : اخترت : لا بد من ذكر النفس في أحد الجانبين . وقعت طلقة بائنة عند أبي حنيفة وأصحابه إذا كان في المجلس أو لم يشتغل بما يدل على الإعراض . واعتبر الشافعي اختيارها على الفور وهي عنده طلقة رجعية وهو مذهب عمر وابن مسعود . وعن الحسن وقتادة والزهري : أمرها بيدها في ذلك المجلس وفي غيره . وإذا اختارت زوجها لم يقع شيء بالاتفاق لأن عائشة اختارت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعد ذلك طلاقاً وعن علي رضي الله عنه مثله في رواية ، وفي أخرى أنه عد ذلك واحدة رجعية إذا اختارته ، وإذا اختارت نفسها فواحدة بائنة . وحين خيرهن النبي صلى الله عليه وسلم واخترن الله ورسوله أدبهن الله وهدّدهن على الفاحشة التي هي أصعب على الزوج من كل ما تأتي به زوجته ، وأوعدهن بتخفيف العذاب لأن الزنا في نفسه قبيح ومن زوجة النبي أقبح ازدراء بمنصبه ، ولأنها تكون قد اختارت حينئذ غير النبي فلا يكون النبي عندها أولى من الغير ولا من نفسها ، وفيه إشارة غلى شرفهن فإن الحرة لشرفها كان عذابها ضعف عذاب الأمة .
وأيضاً نسبة النبي إلى غيره من الرجال نسبة السادة إلى العبيد لكونه أولى بهم من أنفسهم ، فكذلك زوجاته اللواتي هن أمهات المؤمنين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.