تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِن كُنتُنَّ تُرِدۡنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلۡمُحۡسِنَٰتِ مِنكُنَّ أَجۡرًا عَظِيمٗا} (29)

الآية 29 وقوله تعالى : { وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة } معلوم أنهن إذا اخترن الحياة الدنيا وزينتها لا يحتمل ألا يردن الله ، ولكن إضافة ذلك إلى الله لاختيارهن المقام عند رسوله ، فيدل ذلك أن كل ما أضيف إلى الله ورسوله كان المراد به رسوله نحو ما قال : { فأن لله خمسه وللرسول } [ الأنفال : 41 ] وقوله : { قل الأنفال لله والرسول } [ الأنفال : 1 ] وأمثال ذلك .

ثم الزهد في الدنيا يكون [ على وجهين ]( {[16602]} ) :

أحدهما : ترك المكاسب التي [ بها ]( {[16603]} ) تتوسع الدنيا ، وتكون بها السعة [ وأن يؤثرها لغيره ]( {[16604]} ) على نفسه ، واختيار حال الضيق من غير تحريم ما أحل ، وطيب له .

والثاني : بذل ما عنده لغيره ، وإيثاره على نفسه ، وجعله أولى به منه لا في تحريم المحللات والطيبات .

وقوله تعالى : { فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما } يحتمل قوله : { أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما } أي إذا اخترن المقام عند رسول الله يصرن محسنات بذلك ، فأعد لهن ما ذكر ، فيكون ذلك الاختيار منهن الإحسان فاستوجبن ما ذكر .

ويحتمل : { وإن كنتن تردن الله ورسوله } ودمتن على ذلك ، واكتسبتن الأعمال الصالحات والإحسان حتى ختمتن على ذلك ، فأعد لكن [ ما ذكر لا نفس ]( {[16605]} ) اختيار مقامكن معه ، والله أعلم .


[16602]:في م: بوجهين، في الأصل: وجهين.
[16603]:ساقطة من الأصل وم.
[16604]:من نسخة الحرم المكي، في الأصل وم: ويؤثرها لغيرها.
[16605]:في الأصل وم: لا بنفس.