غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَقَالُواْ رَبَّنَا بَٰعِدۡ بَيۡنَ أَسۡفَارِنَا وَظَلَمُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ فَجَعَلۡنَٰهُمۡ أَحَادِيثَ وَمَزَّقۡنَٰهُمۡ كُلَّ مُمَزَّقٍۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّكُلِّ صَبَّارٖ شَكُورٖ} (19)

1

ثم حكى أنهم سئموا العيش الهنيء وملوا الدعة والراحة كما طلب بنو إسرائيل البصل والفوم مكان المن والسلوى { فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا } أرادوا أن يجعل الله بينهم وبين الشام مفاوز ليركبوا الرواحل فيها ويتزوّدوا الأزواد قائلين : لو كان جني جناتنا ابعد كان أشهى وأرغد . ويحتمل أن يكون لفساد اعتقادهم وشدّة اعتمادهم على أن ذلك لا يعدم كما يقول القائل لغيره : اضربني مشيراً بذلك إلى أنه لا يقدر عليه . ومن قرأ على الابتداء والخبر فالمراد استبعاد مسايرهم على قصرها ودنوّها لفرط تنعمهم وترفههم { وظلموا أنفسهم } بوضع الكفر موضع الشكر { فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق } فرقناهم كل تفريق لا جرم اتخذ الناس حالهم مثلاً قائلين " ذهبوا أيدي سبأ " أي في طرق شتى . واليد في كلام العرب الطريق يقال : سلك بهم يد البحر . وقيل : الأيادي الأولاد لأنه يعضد بهم كما بالأيدي . والمعنى ذهبوا تفرق أولاد سبأ فلحق غسان بالشام ، وأنمار بيثرب ، وجذام بتهامة ، والأزد بعمان { إن في ذلك } الجعل والتمزيق { لآيات لكل صبار } عن المعاصي { شكور } للنعم أو صبار على النعم حتى لا يلحقه البطر شكور لها برعاية حق الله فيها .

/خ21