غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ} (23)

22

ورابعها مذهب من زعم أنا نعبد الأصنام التي هي صور الملائكة ليشفعوا لنا فبين بطلان مذهبهم بقوله : { ولا تنفع الشفاعة } قال جار الله : تقول الشفاعة لزيد على أنه الشافع وعلى معنى أنه المشفوع له أي لا تنفع الشفاعة { إلا } كائنة { لمن أذن له } من الشافعين أو إلا لمن وقع الإذن للشفيع لأجله . و " حتى " غاية لمضمون الكلام الدال على انتظار الإذن كأنه قيل : يتربصون ويقفون ملياً فزعين { حتى إذا فزع } أي كشف الفزع في القيامة عن قلوب الشافعين والمشفوع لهم بكلمة يتكلم بها رب العزة في إطلاق الإذن تباشروا بذلك وسأل بعضهم بعضاً { ماذا قال ربكم قالوا } قال { الحق } أي القول الحق وهو الإذن بالشفاعة لمن ارتضى ، يريد هذا التفسير قول ابن عباس عن النبي " فإذا أذن لمن أذن أن يشفع فزعته الشفاعة " والتشديد للسلب والإزالة على نحو " قردته وجلدته " أي أزلت قراده وسلخت جلده . وقيل : إن " حتى " على هذا التفسير متعلق بقوله { زعمتم } أي زعمتم الكفر إلى غاية التفزيع ثم تركتم ما زعمتم وقلتم قال الحق . ومنهم من ذهب إلى أن التفزيع غاية الوحي المستفاد من قل فإنه عند الوحي يفزع من في السموات كما جاء في حديث " إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيه جبرائيل فإذا جاء فزع عن قلوبهم فيقولون : يا جبرائيل ماذا قال ربكم ؟ فيقول الحق " أي يقول الحق الحق . وقيل : أراد بالفزع أنه تعالى لما أوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم فزع من في السموات من القيامة لأن إرسال محمد صلى الله عليه وسلم من أشراطها فلما زال عنهم ذلك قالوا : ماذا قال الله ؟ قال جبرائيل وأتباعه : الحق . وقيل : إنه الفزع عند الموت يزيله الله عن القلوب فيعرف كل أحد أن ما قال الله هو الحق فينتفع بتلك المعرفة أهل الإيمان ولا ينتفع بها أهل الكفر .

/خ54