غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَقَدۡ كَانَ لِسَبَإٖ فِي مَسۡكَنِهِمۡ ءَايَةٞۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٖ وَشِمَالٖۖ كُلُواْ مِن رِّزۡقِ رَبِّكُمۡ وَٱشۡكُرُواْ لَهُۥۚ بَلۡدَةٞ طَيِّبَةٞ وَرَبٌّ غَفُورٞ} (15)

ولما بين حال الشاكرين لأنعمه ذكر حال من كفر النعمة . وسبأ بصرف بناء على أنه اسم للحي أو الأب الأكبر ، ولا يصرف بتأويل القبيلة وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان . ثم سميت مدينة مأرب بسبأ ، وبينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث . من قرأ { مساكنهم } فظاهر . ومن قرأ على التوحيد فالمراد مسكن كل واحد منهم أو موضع سكانهم وهو بلدهم وأرضهم . عن الضحاك : كانوا في الفترة التي بين عيسى ومحمد عليهما السلام . ومعنى كون الجنتين آية أنه جعل قصتهما عبرة لأهل الكفران ، أو علامة دالة على الصانع وكمال اقتداره ووجوب شكره . قال جار الله : لم يرد بستانين اثنين فحسب وإنما أراد جماعتين من البساتين : جماعة عن يمين بلدهم وأخرى عن شمالها ، كأن كل واحد من الجماعتين في تقاربها وتضامها جنة واحدة ، أو أراد بستاني كل رجل منهم عن يمين مسكنه وشماله كقوله { جعلنا لأحدهما جنيتن من أعناب } [ الكهف : 32 ] . وقوله { كلوا من رزق } حكاية لسان الحال أو لسان الأنبياء المبعوثين إليهم وهم ثلاثة عشر نبياً على ما روي . وفيه إشارة إلى كمال النعمة حيث لم يمنعهم من أكل ثمارها خوف ولا مرض . وكذا قوله { واشكروا له } لأن الشكر لا يطلب إلا على النعمة المعتبرة . وكذا قوله { بلدة طيبة } أي عن المؤذيات من لعقارب والحيات وسائر الهوام والحشرات ، أو المراد أنها ليست بسبخة كقوله { والبلد الطيب }

[ الأعراف : 58 ] { ورب غفور } أي ربكم الذي رزقكم فطلب شكركم غفور لمن يشكره بقدر طاقته لا يؤاخذه بالتقصير في أداء حق الشكر إذا توجه عليه الشكر وبذل وسعة فيه ، أو أراد غفران سائر الذنوب فكأنه وعدهم سعادة الدارين . وعن ثعلب : معناه اسكن واعبد .

21