غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَأَعۡرَضُواْ فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ سَيۡلَ ٱلۡعَرِمِ وَبَدَّلۡنَٰهُم بِجَنَّتَيۡهِمۡ جَنَّتَيۡنِ ذَوَاتَيۡ أُكُلٍ خَمۡطٖ وَأَثۡلٖ وَشَيۡءٖ مِّن سِدۡرٖ قَلِيلٖ} (16)

1

وحين بين ما كان من جانبه ذكر ما كان من جانبهم وهو قوله { فأعرضوا } أي عن الشكر . ثم ذكر جزاءهم بقوله { فأرسلنا عليهم سيل العرم } وهو الجرذ . يروى أن بلقيس الملكة عمدت إلى جبال هناك فسدّت ما بينها من الشعب بالصخر والقار فحقنت به ماء العيون والأمطار وتركت فيه خروقاً لها أبواب مترتبة بعضها فوق بعض على مقدار ما يحتاجون إليه في سقي أراضيهم ، فلما طغوا سلط الله على سدّهم الخلد فثقبه من أسفله . وقيل : العرم جمع عرمة وهي الحجارة المركوزة والمراد بها المسناة التي عقدوها سكراً . وقيل : العرم اسم الوادي : وقيل : المطر الشديد . والتركيب يدل على الشكاسة وسوء الخلق ومنه قولهم " صبي عارم " من العرام بالضم أي شرس . ومن ذلك " عرمت العظم " عرقته و " عرمت الإبل الشجر " نالت منه { ذواتي أكل } صاحبتي ثمر . والقياس ذاتي إلا أن المستعمل في التثنية هو الجمع . والخمط شجر الأراك . أبو عبيدة : كل شجر ذي شوك . الزجاج : كل نبت أخذ طعماً من مرارة حتى لا يمكن أكله . والأثل نوع من الطرفاء وهو من أحسن أشجار البادية فلذلك وصفه ههنا بالقلة . عن الحسن : قلل السدر لأنه أكرم ما بدّلوا ، والتحقيق فيه أن البساتين إذا عمرت كل سنة ونقيت من الحشائش كانت ثمارها زاكية وأشجارها عالية ، فإذا تركت سنين صارت كالغيضة والأجمة والتفت الأشجار بعضها ببعض فيقل الثمر وتكثر الحشائش والأشجار ذوات الشوك على أنه لا يبعد التبديل تحقيقاً فيكون شبه المشخ . من قرأ { أكل خمط } بالإضافة فظاهر ، ومن قرأ بالتنوين فعلى حذف المضاف أي أكل أكل خمط ، أو وصف الأكل بالخمط كأنه قيل : ذواتي أكل بشع . وتسمية البدل جنتين لأجل المشاكلة أو التهكم . قال في الكشاف : الأثل والسدر معطوفان على { أكل } لا على { خمط } لأن الأثل لا أكل له .

/خ21