غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ٱلَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمۡ فَإِن كَانَ لَكُمۡ فَتۡحٞ مِّنَ ٱللَّهِ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡ وَإِن كَانَ لِلۡكَٰفِرِينَ نَصِيبٞ قَالُوٓاْ أَلَمۡ نَسۡتَحۡوِذۡ عَلَيۡكُمۡ وَنَمۡنَعۡكُم مِّنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۚ فَٱللَّهُ يَحۡكُمُ بَيۡنَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۚ وَلَن يَجۡعَلَ ٱللَّهُ لِلۡكَٰفِرِينَ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ سَبِيلًا} (141)

127

{ يتربصون بكم } ينتظرون بكم ما يتجدد لكم من نصر أو إخفاق . { فإن كان لكم فتح من الله } ظهور على اليهود { قالوا ألم نكن معكم } مظاهرين فأسهموا لنا في الغنيمة { وإن كان للكافرين } أي اليهود نصيب استيلاء مّا في الظاهر { قالوا ألم نستحوذ عليكم } الحوذ السوق السريع والاستحواذ الغلبة . وهذا جاء بالواو على أصله كما جاء استروح واستصوب . وفي الآية وجهان : الأول ألم نغلبكم ونتمكن من قتلكم وأسركم ثم لم نفعل شيئاً من ذلك { ونمنعكم من المؤمنين } بأن ثبطناهم عنكم فهاتوا نصيباً لنا مما أصبتم . الثاني أنّ أولئك الكفار كانوا قد هموا بالدخول في الإسلام . ثم إنّ المنافقين نفروهم وأطمعوهم أنه سيضعف أمر محمد صلى الله عليه وسلم ويقوى أمركم . فالمراد ألسنا غلبناكم على رأيكم في الدخول في الإسلام ومنعناكم منه وأرشدناكم إلى مصالحكم فادفعوا إلينا نصيباً مما وجدتم . وفي تسمية ظفر المؤمنين فتحاً وظفر الكافرين نصيباً تثبيت للمؤمنين وتعظيم لما هم عليه من الدين وتحقير لشأن الكافرين وتوهين لأمرهم ، فكان ظفر المسلمين أمر عظيم يفتح له أبواب السماء حين ينزل على أولياء الله ، وظفر الكافرين حظ دنيوي ينقضي ولا يبقى منه إلاّ الذم في الدنيا والعقاب في الآخرة { فالله يحكم بينكم يوم القيامة } . أي بين المؤمن والمنافق . والغرض أنه يقال : ما وضع السيف على المنافقين في الدنيا ولكن أخر عقابهم إلى يوم القيامة { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً } قال علي وابن عباس : المراد في الدنيا ولكن بالحجة أي حجة المسلمين غالبة على حجة الكل . وقيل : في الآخرة . وقيل : عام في الكل . والشافعي بنى عليه مسائل منها : أن الكافر إذا استولى على مال المسلم وأحرزه إلى دار الحرب لم يملكه بدلالة هذه الآية .

ومنها أن الكافر ليس له أن يشتري عبداً مسلماً . ومنها أنّ المسلم لا يقتل بالذمي والله تعالى أعلم .

/خ141