قوله : { فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم } فيه وجهان : أحدهما - وهو قول الحسن واختاره الواحدي - أنه جملة معترضة وأصل النظم { وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدوداً } { ثم جاءوك } يعني أنهم في أول الأمر يصدون عنك أشد الصدود ثم بعد ذلك يجيؤنك ويحلفون كذباً على أنهم ما أرادوا بذلك الصد إلا الإحسان والتوفيق . ووجه الاعتراض أنه حكى عنهم التحاكم إلى الطاغوت وأنهم يصدون ، ثم أتبعها ما يدل على شدة أحوالهم بسبب أعمالهم القبيحة في الدنيا والآخرة . والثاني أنه متصل بما قبله لا على وجه الاعتراض والمعنى أنه إذا كانت نفرتهم من الحضور عند الرسول في أوقات السلامة هكذا فكيف تكون نفرتهم إذا أتوا بجناية خافوا بسببها منك ثم جاءوك كراهاً يحلفون بالله على سبيل الكذب ما أردنا بتلك الجناية إلا الخير والمصلحة ؟ أما المصيبة فقيل : إنها قتل عمر صاحبهم فإنهم جاؤوا وطلبوا بدمه وحلفوا أنهم ما أرادوا بالذهاب إلى غير الرسول إلا الصلاح وهو اختيار الزجاج . وقال الجبائي : هي ما أمر الله رسوله بها من أنه لا يستصحبهم في الغزوات ويخصهم بمزيد الإذلال ، والمعنى ثم جاءوك في وقت المصيبة يحلفون ويعتذرون ما أردنا بما كان منا من مواساة الكفار إلا إصلاح الحال . وقال أبو مسلم : إنه تعالى بشر رسوله أن المنافقين سيصيبهم مصائب تلجئهم إليه وإلى أن يظهروا الأيمان . ومن عادة العرب عند التبشير والإنذار أن يقولوا : كيف أنت إذا كان كذا .
ومعنى الإحسان والتوفيق ما أردنا بالتحاكم إلى غير الرسول إلا إحساناً بين الخصوم وائتلافاً بينهم فإنهم لا يقدرون عند الرسول أن يرفعوا أصواتهم ويبينوا حججهم ، أو ما أردنا بالتحاكم إلى عمر إلا أن يحسن إلى صاحبنا بالحكم العدل والتوفيق بينه وبين خصمه ، وما خطر ببالنا أنه يحكم بما حكم به ، وعلى هذا لا يبقى للحلف مناسبة ظاهرة . أو ما أردنا بالتحاكم إلى غيرك يا رسول الله إلا أنك لا تحكم إلا بالحق المرّ وغيرك يدور على التوسط ويأمر كل واحد من الخصمين بالإحسان إلى الآخر وتقريب مراده من مراد صاحبه حتى تحصل بينهم الموافقة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.