غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَاطِرُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ جَعَلَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَمِنَ ٱلۡأَنۡعَٰمِ أَزۡوَٰجٗا يَذۡرَؤُكُمۡ فِيهِۚ لَيۡسَ كَمِثۡلِهِۦ شَيۡءٞۖ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ} (11)

1

ثم وصف نفسه بأوصاف الكمال ونعوت الجلال تأكيداً لصحة أحكامه فقال { فاطر السماوات والأرض } وهو أحد أخبار ذلكم أو خبر مبتدأ محذوف . ومعنى { ومن الأنعام أزواجاً } أنه خلق للأنعام أيضاً من أنفسها أزواجاً { يذرؤكم فيه } يكثركم في هذا التدبير وهو أن جعل للناس والأنعام أزواجاً حتى حصل بين الذكور والإناث التوالد والتناسل . والضمير في { يذرؤكم } راجع إلى المخاطبين وإلى الأنعام وهو من الأحكام ذوات العلتين ، وذلك أن فيه تغليبين تغليب المخاطبين على الغائبين وهم من سيوجد إلى يوم القيامة ، وتغليب العقلاء على غيرهم . وعلة الأول الخطاب ، وعلة الثاني العقل . وإنما قال { يذرؤكم فيه } ولم يقل به لأنه جعل التدبير منبعاً ومعدناً للتكثير كقوله { ولكم في القصاص حياة } [ البقرة : 179 ] ولأن حروف الجر يقام بعضها مقام البعض ومعنى { ليس كمثله شيء } نفي المثلية عنه بطريق الالتزام وذلك أنه لو كان له مثل والله تعالى شيء لكان مثل مثله شيء وهو خلاف نص المخبر الصادق وهذا المحال إنما لزم من فرض وجود المثل له فوجود المثل محال وهو المطلوب ، ولعل هذا التقرير مختص بنا . قال في الكشاف : إنه من باب الكناية كقولهم : مثلك لا يبخل . يعنون أنت لا تبخل . وكذا هاهنا يريد ليس كالله شيء . وجوز أن يكون تكرير حرف التشبيه للتأكيد . وقد يستدل بالآية على نفي الجسمية ولوازمها عنه تعالى لأن الأجسام متماثلة في حقيقة الجسمانية .

/خ1