غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذۡ وُقِفُواْ عَلَى ٱلنَّارِ فَقَالُواْ يَٰلَيۡتَنَا نُرَدُّ وَلَا نُكَذِّبَ بِـَٔايَٰتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (27)

25

ثم بيَّن أنه كيف يعود الضرر إليهم فقال { ولو ترى إذ وقفوا على النار } وجواب «لو » محذوف أي لرأيت سوء منقلبهم ونحو ذلك . وجاز حذفه للعلم به ولما في الحذف من تفخيم الشأن وهو ذهاب الوهم كل مذهب كما لو قلت لغلامك : والله لئن قمت إليك وسكت عن الجواب . ذهب فكره إلى أنواع المكاره من الضرب والقتل وغيرهما بخلاف ما لو قلت : لأضربنك . ولمثل هذا من إرادة المبالغة قال { وقفوا } بلفظ الماضي مع «إذا » الدال على المضي كأن هذا الأمر وقع وتحقق فكان من حقه أن يخبر عنه بلفظ الماضي أي وقفوا على أن يدخلوا النار وهم يعاينونها ، أو وقفوا عليها وهي تحتهم ، أو هو من قولهم : وقفت على المسألة الفلانية وقوفاً أي عرفوا حقيقتها تعريفاً أو المراد أنهم في جوف النار غائصين فيها فتكون «على » بمعنى «في » وجاز لأن النار دركات بعضها فوق بعض فلا يخلو من معنى الاستعلاء { يا ليتنا نردّ } هو داخل في حكم التمني . أما قوله { ولا نكذب ونكون } فمن قرأ بالنصب فيهما فبإضمار «أن » على جواب التمني والمعنى إن رددنا إلى دار التكليف لم نكذب ونكن من المؤمنين . ومن قرأ بالرفع فيهما فوجهان : أحدهما أن التمني يتم عند قوله { نرد } ثم ابتدءوا { ولا نكذب ونكون } أي ونحن لا نكذب ونكون كأنهم ضمنوا أن لا يكذبوا ويكونوا من المؤمنين سواء حصل الرد أو لم يحصل . وشبهه سيبويه بقولهم : دعني ولا أعود بمعنى دعني وأنا لا أعود تركتني أو لم تتركني . وثانيهما أن يكونا معطوفين على { نرد } أو حالين على معنى يا ليتنا نرد غير مكذبين وكائنين من المؤمنين فيدخل المجموع تحت حكم التمني . وأورد على هذا الوجه أن المتمني لا يكون كاذباً وقد قال تعالى { وإنهم لكاذبون } وأجيب بأن هذا التمني قد تضمن معنى الوعد فجاز أن يتعلق به التكذيب كقول القائل : ليت الله يرزقني مالاً فأحسن إليك فهذا متمن في حكم الواعد فلو رزق مالاً ولم يحسن إلى صاحبه كذب لأنه كأنه قال : إن رزقني الله مالاً أحسنت إليك . وأما قراءة ابن عامر فمعناه إن رددنا غير مكذبين نكن من المؤمنين .

/خ37