غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَهُمۡ يَنۡهَوۡنَ عَنۡهُ وَيَنۡـَٔوۡنَ عَنۡهُۖ وَإِن يُهۡلِكُونَ إِلَّآ أَنفُسَهُمۡ وَمَا يَشۡعُرُونَ} (26)

25

ثم أكد طعنهم في القرآن بقوله { وهم ينهون عنه } قال محمد بن الحنفية وابن عباس في رواية والسدي والضحاك : عن القرآن وتدبره والاستماع له { وينأون عنه } والنأي البعد . نأيته ونأيت عنه وناء الرجل إذا بعد لغة في «نأى » وحملوه على القلب لأن المصدر لم يجيء إلا على النأي . وقيل : الضمير للرسول والمراد النهي عن اتباعه والتصديق بنبوّته ، جمعوا بين قبيحين : النأي والنهي فضلوا وأضلوا . وعن عطاء ومقاتل عن ابن عباس أنها نزلت في أبي طالب كان ينهى المشركين أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتباعد عما جاء به . روي أن قريشاً اجتمعوا إلى أبي طالب يريدون سوءاً بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال أبو طالب :

والله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أوسد في التراب دفينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة *** وأبشر وقر بذلك منك عيونا

وعرضت ديناً لا محالة أنه *** من خير أديان البرية دينا

ودعوتني وزعمت أنك ناصحي *** ولقد صدقت وكنت ثم أمينا

لولا الملامة أو حذاري سبة *** لوجدتني سمحاً بذاك مبيناً

وضعفت هذه الرواية بقوله { إن يهلكون إلا أنفسهم } يعني بما تقدم ذكره ، ولكن النهي عن أذيته حسن لا يوجب الهلاك . ويمكن أن يجاب بأن الذم توجه على الهيئة الاجتماعية الحاصلة من النهي مع النأي كقوله { أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم } [ البقرة : 44 ] ولو سلم فلم لا يجوز أن يرجع الذم إلى القسم الأخير فقط .

/خ37