{ ولقد خلقناكم ثم صورناكم } هذا ذكر نعمة أخرى عظيمة من نعم الله تعالى على عبيده خلقناكم نطفا ثم صورناكم بعد ذلك بالتخطيط وشق الحواس ، وقيل المعنى : خلقنا آدم من تراب ثم صورناكم في ظهره ، وذكره بلفظ الجمع لأنه أبو البشر ، وقيل { ثم صورناكم } راجع إليه ويدل عليه قوله تعالى { ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } فإن ترتيب هذا القول على الخلق والتصوير يفيد أن المخلوق المصور آدم عليه السلام .
وقال ابن عباس : خلقوا في أصلاب الرجال وصوروا في أرحام النساء ، وعنه قال خلقوا في ظهر آدم وصوروا في الأرحام ، وعنه أيضا أما خلقناكم فآدم وأما صورناكم فذريته ، وقال الأخفش ثم بمعنى الواو ، وقيل المعنى :
خلقناكم من ظهر آدم ثم صورناكم حين أخذنا عليكم الميثاق ، قال النحاس وهذا أحسن الأقوال .
قال أبو السعود : إنما نسب الخلق والتصوير إلى المخاطبين مع أن المراد خلق آدم وتصويره إعطاء لمقام الامتنان حقه وتأكيدا لوجوب الشكر عليهم بالرمز إلى أن لهم حظا من خلقه وتصويره لأنهما من الأمور السارية إلى ذريته جميعا .
وقال القاري : نزل خلقه منزلة خلق الكل وتصويرهم لأنه أبو البشر ، وقيل المعنى ولقد خلقنا الأرواح أولا ثم صورنا الأشباح .
{ ثم } أي بعد إكمال خلقه ، وفي السمين اختلف الناس في { ثم } في هذين الموضعين فمنهم من لم يلتزم فيها ترتيبا وجعلها بمنزلة الواو . ومنهم من قال هي للترتيب في الأخبار لا في الزمان ، ولا طائل تحت هذا ، ومنهم من قال هي للترتيب الزماني ، وهذا هو موضوعها الأصلي ومنهم من قال الأولى للترتيب الزماني والثانية للترتيب الإخباري انتهى .
{ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم } أي أمرناهم بذلك فامتثلوا الأمر { فسجدوا } أي فعلوا السجود بعد الأمر قبل دخول الجنة وكان السجود يوم الجمعة من وقت الزوال إلى العصر ، وأول من سجد جبريل ، ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم عزرائيل ثم الملائكة المقربون .
{ إلا إبليس } قيل الاستثناء متصل بتغليب الملائكة على إبليس لأنه كان منفردا بينهم ، أو كما قيل إن من الملائكة جنسا يقال لهم الجن وقيل غير ذلك ، وقد تقدم تحقيقه في البقرة { لم يكن من الساجدين } جملة مبينة لما فهم من معنى الاستثناء منقطعا قال معناه لكن إبليس لم يكن من الساجدين لآدم عليه السلام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.