محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَقَدۡ خَلَقۡنَٰكُمۡ ثُمَّ صَوَّرۡنَٰكُمۡ ثُمَّ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ لَمۡ يَكُن مِّنَ ٱلسَّـٰجِدِينَ} (11)

ثم بين تعالى نعمته على آدم التي سرت إلى بنيه ، وبين لهم عداوة إبليس وما انطوى عليه من الحسد لأبيهم ، ليحذروه ولا يتبعوا طرائقه ، بقوله سبحانه :

{ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين ( 11 ) } .

{ ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس لم يكن من الساجدين } هذا كقوله تعالى : { وإذ قال ربك للملائكة/ إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون ، فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }{[3849]} وفي تصدير هذه الآية بالقسم وحرف التحقيق ، كالتي قبلها ، إعلام بكمال العناية بمضمونهما .

قال أبو السعود : وإنما نسب الخلق والتصوير إلى المخاطبين ، مع أن المراد بهما خلق آدم عليه السلام وتصويره حتما ، توفية لمقام الامتنان حقه ، وتأكيدا لوجوب الشكر عليهم ، بالرمز إلى أن لهم حظا من خلقه عليه السلام وتصويره ، لما أنهما ليسا من الخصائص المقصورة عليه ، بل من الأمور السارية إلى ذريته جميعا ، إذ الكل مخلوق في ضمن خلقه على نمطه ، ومصنوع على شاكلته ، فكأنهم الذي تعلق به خلقه وتصويره . أي : خلقنا أباكم آدم طينا غير مصور ، ثم صورناه أبدع تصوير ، وأحسن تقويم ، سار إليكم جميعا-انتهى- .


[3849]:- [15/ الحجر/ 28 و29].