ثم فصل بعض ما أجمل فقال { ولا تقعدوا بكل صراط } قيل : الصراط حقيقة وذلك أنهم كانوا يجلسون على الطرق والمراصد كما كانت تفعل قريش بمكة يخوّفون من آمن بشعيب ويقولون إنه كذاب لا يفتنكم عن دينكم ، أو كانوا يقطعون الطرق أو كانوا عشارين . وقيل : إنه مجاز عن الدين أي لا تقعدوا على طريق الدين ومنهاج الحق لأجل أن تمنعوا الناس عن قبوله اقتداء بالشيطان حيث قال { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } [ الأعراف : 16 ] ودليل هذا المجاز قوله { وتصدون عن سبيل الله } يقال : قعد بمكان كذا أي التصق به ، وعلى مكان كذا أي علا ذلك المكان وفيه إذا حل ، فحروف الجر تتعاقب في مثل هذا الموضع لتقارب معانيها . ومحل { توعدون } وما عطف عليه نصب على الحال ، نهاهم عن القعود على صراط الله حال الاشتغال بأحد هذه الأفعال . وإنما قال { بكل صراط } مع أن صراط الحق واحد لأنه يتشعب إلى معالم وحدود وأحكام كثيرة كل منها في نفسه سبيل ، وكانوا إذا رأوا أحداً يشرع فيها أوعدوه وصدوه . والضمير في { به } راجع إلى كل صراط والتقدير : توعدون من آمن به وتصدون عنه فوضع الظاهر موضع الضمير زيادة في التقبيح والتفظيع . ومعنى { وتبغونها } تطلبون لسبيل الله { عوجاً } أي تصفونها للناس بأنها معوجة وذلك بإلقاء الشكوك والشبهات . قال في الكشاف : أو يكون تهكماً بهم وأنهم يطلبون لها ما هو محال لأن طريق الحق لا تعوج . ثم ذكرهم نعم الله تعالى لأن ذكر النعم مما يحمل على الطاعة ويبعد عن المعصية فقال { واذكرا إذ كنتم } أي وقت كونكم { قليلاً فكثركم } قال الزجاج يحتمل كثرة العدد بعد القلة وكثرة الغنى بعد الفقر وكثرة القدرة والشدة بعد الضعف والذلة . قيل : إن مدين بن إبراهيم تزوج بنت لوط فولدت فرمى الله في نسلها بالبركة والنماء وصاروا كثيراً في العدة والعدة والشدّة . ثم حذرهم سوء عاقبة من أفسد قبلهم من الأمم وكانوا قريبي العهد مما أصاب المؤتفكة فقال { وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.