غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوۡمَۢا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰهُمۡ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (115)

111

ثم إن المسلمين خافوا أن يؤاخذوا بما سلف منهم من الاستغفار للمشركين فأنزل الله { ما كان الله ليضل قوماً } أي عن طريق الجنة أو يحكم عليهم بالضلال أو يخذلهم أو يوقع الضالة في قلوبهم حين يكون منهم الأمر الذي يستحق به العقاب { بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } ما يجب عليهم أن يحترزوا عنه . والحاصل أن الله لا يسمي قوماً ضلالاً بعد إذ سماهم مهديين ما لم يقدموا على شيء مبين خطره ، وأما قبل العلم والبيان فلا يؤاخذهم كما لم يؤاخذ بشرب الخمر والربا قبل تحريمهما . وفي الآية تشديد عظيم حيث جعل المهدي للإسلام إذا أقدم على بعض المحظورات داخلاً في حكم الضلال . ثم قال : { إن الله بكل شيء عليم إن الله له ملك السموات والأرض يحيي ويميت } والمراد أن ما كان عالماً قادراً هكذا لم يحتج إلى أن يفعل العقاب قبل البيان وإزاحة العذر . قالت المعتزلة : وفيه دليل على أنه يقبح من الله الابتداء بالعقاب . وأجيب بأنه له ذلك بحكم المالكية غاية ما في الباب أنه لا يعاقب إلا بعد إزاحة العذر عادة .

/خ119