ولما بين من أول السورة إلى هاهنا وجوب إظهار من المنافقين الكفرة الأحياء أراد أن يبين وجوب البراءة من أمواتهم أيضاً وإن كانوا أقارب فقال : { ما كان للنبي } ومعناه النهي أي ما صح له وما استقام وما ينبغي له ذلك . ثم علل المنع بقوله : { من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } لأنهم ماتوا على الشرك وقد قال تعالى : { إن الله لا يغفر أن يشرك به } [ النساء : 116 ] فطلب غفرانهم جارٍ مجرى طلب إخلاف وعد الله ووعيده ، وفيه حط لمرتبة النبي حيث يدعو بما لا يستجاب له . وهذه العلة لا تختلف بأن يكونوا من الأباعد أو من الأقارب فلهذا بالغ فيه بقوله : { ولو كانوا أولي قربى } روى الواحدي بإسناده عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال : لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم - وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية - فقال : أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله . فقال أبو جهل وابن أبي أمية : يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب ؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به أنا على ملة عبد المطلب . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لأستغفرن لك ما لم أنه عنه فاستغفر له بعد ما مات فقال المسلمون : ما يمنعنا أن نستغفر لآبائنا ولذوي قراباتنا قد استغفر إبراهيم لأبيه ، وهذا محمد يستغفر لعمه فاستغفروا للمشركين فنزلت { ما كان للنبي } الآيتان . وقيل عن أبن عباس : لما افتتح صلى الله عليه وسلم مكة سأل أي أبويه أحدث به صلى الله عليه وسلم عهداً أي آخرهما موتاً ؟ فقيل : أمك آمنة . فزار صلى الله عليه وسلم قبرها ثم قام باكياً فقال : إني استأذنت ربي في زيارة قبر أمي فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فلم يأذن لي فيه ونزل عليّ { ما كان للنبي } الآية . فقال بعضهم كصاحب الكشاف والحسين بن أبي الفضل : هذا أصح لأن هذه السورة في آخر القرآن نزولاً ، وكانت وفاة أبي طالب بمكة في أول الإسلام . ويمكن أن يوجه الأول بأنه صلى الله عليه وسلم لعله بقي مستغفراً إلى حين نزول الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.