محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوۡمَۢا بَعۡدَ إِذۡ هَدَىٰهُمۡ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَۚ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ} (115)

وقوله تعالى :

[ 115 ] { وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم 115 } .

{ وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } هذا من تتمة ما تقدم من تأكد مباينة المشركين ، والبراءة منهم ، وترك الاستغفار لهم ، وذلك لأنهم حقت عليهم الكلمة ، حيث قامت عليهم الحجة بإبلاغ الرسول إليهم ما يتقون ، ودلالته إياهم على الصراط السويّ ، فضلوا عنه ، فأضلهم الله ، واستحقوا عقابه .

/ وقوله تعالى : { إن الله بكل شيء عليم } تعليل لما سبق ، أي أنه تعالى عليم بجميع الأشياء التي من جملتها حاجتهم إلى بيان قبح ما لا يستقل العقل بمعرفته ، فبين لهم ذلك ، كما فعل هنا .

تنبيه :

وقف كثير من المفسرين بالآية هنا ، أعني قوله تعالى : { وما كان الله ليضل قوما . . . } الآية - على ما روي في الآية قبلها ، من نزولها في استغفار وقع من المؤمنين للمشركين ، فربطوا هذه الآية بتلك ، على الرواية المذكورة ، ونزّلوها على المؤمنين ، فقالوا : { وما كان الله ليضل قوما } أي ليحكم عليهم باستغفارهم للمشركين بالضلال بعد إذ هداهم بالنبوة والإيمان ، حتى يتقدم إليكم بالنهي عنه ، فتتركوا ، فأما إذا لم يبين فلا ضلال ، إلى آخر ما قالوه . . .

وما أبعده من تفسير وتأويل والرازي ذكره وجها ، وأشفعه بما اعتمدناه ، وهو الحق .