مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ} (92)

{ فاليوم نُنَجّيكَ } نلقيك بنجوة من الأرض فرماه الماء إلى الساحل كأنه ثور { بِبَدَنِكَ } في موضع الحال أي الحال التي لا روح فيك وإنما أنت بدن أو ببدنك كاملاً سوياً لم ينقص منه شيء ولم يتغير ، أو عرياناً لست إلا بدنا من غير لباس ، أو بدرعك وكانت له درع من ذهب يعرف بها . وقرأ أبو حنيفة رضي الله عنه { بأبدانك } وهو مثل قولهم هو«بأجرامه » أي ببدنك كله وافياً بأجزائه ، أو بدروعك لأنه ظاهر بينها { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } لمن وراءك من الناس علامة وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق . وقيل : أخبرهم موسى بهلاكه فلم يصدقوه فألقاه الله على الساحل حتى عاينوه . وقيل : { لمن خلفك } لمن يأتي بعدك من القرون ومعنى كونه آية أن يظهر للناس عبوديته وأن ما كان يدعيه من الربوبية محال ، وأنه مع ما كان عليه من عظم الملك آل أمره إلى ما ترون لعصيانه ربه فما الظن بغيره { وإن كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون