{ نُنَجّيكَ } بالتشديد والتخفيف : نبعدك مما وقع فيه قومك من قعر البحر . وقيل : نلقيك بنجوة من الأرض . وقرىء : «ننحيك » بالحاء : نلقيك بناحية مما يلي البحر ، وذلك أنه طرح بعد الغرق بجانب البحر قال كعب : رماه الماء إلى الساحل كأنه ثور { بِبَدَنِكَ } في موضع الحال ، أي : في الحال التي لا روح فيك ، وإنما أنت بدن ، أو ببدنك كاملاً سوياً لم ينقص منه شيء ولم يتغير ، أو عرياناً لست إلا بدناً من غير لباس ، أو بدرعك . قال عمرو بن معديكرب :
أَعَاذِلُ شكَّتِي بَدَنِي وَسَيْفِي *** وَكُلُّ مُقَلِّصٍ سَلِسُ القِيَادِ
وكانت له درع من ذهب يعرف بها . وقرأ أبو حنيفة رحمه الله : «بأبدانك » هو على وجهين : إما أن يكون مثل قولهم : هوى بأجرامه ، يعني : ببدنك كله وافياً بأجزائه . أو يريد : بدروعك كأنه كان مظاهراً بينها { لِمَنْ خَلْفَكَ ءايَةً } لمن وراءك من الناس علامة ، وهم بنو إسرائيل ، وكان في أنفسهم أن فرعون أعظم شأناً من أن يغرق . وروي أنهم قالوا : ما مات فرعون ولا يموت أبداً . وقيل : أخبرهم موسى بهلاكه فلم يصدّقوه ، فألقاه الله على الساحل حتى عاينوه ، وكأن مطرحه كان على ممرّ من بني إسارئيل حتى قيل : لمن خلفك . وقيل : { لِمَنْ خَلْفَكَ } لمن يأتي بعدك من القرون . ومعنى كونه آية : أن تظهر للناس عبوديته ومهانته ، وأنّ ما كان يدّعيه من الربوبية باطل محال ، وأنه مع ما كان فيه من عظم الشأن وكبرياء الملك آل أمره إلى ما ترون لعصيانه ربه عزّ وجلّ ، فما الظنّ بغيره ، أو لتكون عبرة تعتبر بها الأمم بعدك ، فلا يجترئوا على نحو ما اجترأت عليه إذا سمعوا بحالك وبهوانك على الله . وقرىء : «لمن خلقك » بالقاف : أي لتكون لخالقك آية كسائر آياته . ويجوز أن يراد : ليكون طرحك على الساحل وحدك وتمييزك من بين المغرقين لئلا يشتبه على الناس أمرك ، ولئلا يقولوا لادّعائك العظمة إنّ مثله لا يغرق ولا يموت آية من آيات الله التي لا يقدر عليها غيره ، وليعلموا أنَّ ذلك تعمد منه لإماطة الشبه في أمرك .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.