السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَٱلۡيَوۡمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنۡ خَلۡفَكَ ءَايَةٗۚ وَإِنَّ كَثِيرٗا مِّنَ ٱلنَّاسِ عَنۡ ءَايَٰتِنَا لَغَٰفِلُونَ} (92)

{ فاليوم ننجيك } أي : نخرجك من البحر { ببدنك } أي : جسمك الذي لا روح فيه كاملاً سوياً لم يتغير ، أو نخرجك من البحر عرياناً من غير لباس ، أو أنّ المراد بالبدن الدرع . قال الليث : البدن هو الدرع الذي يكون قصير الكمين ، وهذا منقول عن ابن عباس قال : كان عليه درع من ذهب يعرف ، به فأخرجه الله تعالى من الماء مع ذلك الدرع ليعرف { لتكون لمن خلفك } أي : بعدك { آية } أي : عبرة فيعرفوا عبوديتك ولا يقدموا على مثل فعلك . وعن ابن عباس : أنّ بعض بني إسرائيل شكوا في موته ، فأخرج لهم ليروه ويشاهده الخلق على ذلك الذلّ والمهانة بعدما سمعوا منه قوله : { أنا ربكم الأعلى } [ النازعات ، 24 ] ليعلموا أنّ دعواه كانت باطلة ، وأن ما كان فيه من عظم الشأن وكبرياء الملك آل أمره إلى ما يرون لعصيانه ربه { وإنّ كثيراً من الناس عن آياتنا لغافلون } أي : لا يعتبرون بها ، وهذا الكلام ليس إلا كلام الله تعالى ، ولكن القول الأوّل أشهر .