{ فاليوم نُنَجّيكَ } أي نخرجك مما وقع فيه قومُك من قعر البحرِ ونجعلك طافياً وفي التعبير عنه بالتنجية تلويحٌ بأن مرادَه بالإيمان هو النجاةُ كما مر وتهكمٌ به ، أو نلقيك على نجوة{[397]} من الأرض ليراك بنو إسرائيلَ وقرىء نُنْجيك من الإنجاء ونُنَحِّيك بالحاء من التنحية أو نلقيك بناحية الساحل { بِبَدَنِكَ } في موضع الحالِ من ضمير المخاطَب أي ننجيك ملابساً ببدنك فقط لا مع روحك كما هو مطلوبُك فهو تخييبٌ له وحسمٌ لأطماعه بالمرة أو عارياً عن اللباس أو كاملاً سوياً أو بدِرْعك وكانت له دروعٌ من الذهب يعرف بها وقرىء بأبدانك أي بأجزاء بدنك كلها كقولهم : هوى بأجرامه أو بدروعك كأنه كان مُظاهِراً بينها { لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً } لمن وراءك علامةً وهم بنو إسرائيلَ إذ كان في نفوسهم من عظمته ما خُيِّل أنه لا يهلِك حتى يُروى أنهم لم يصدقوا موسى عليه السلام حين أخبرهم بغرقه إلى أن عاينوه مطروحاً على ممرهم من الساحل أو تكون لمن يأتي بعدك من الأمم إذا سمعوا مآلَ أمرِك ممن شاهدك عبرةً ونكالاً من الطغيان أو حجةً تدلهم على أن الإنسانَ وإن بلغ الغايةَ القصوى من عظم الشأنِ وعلوِّ الكبرياء وقوةِ السلطان فهو مملوكٌ مقهورٌ بعيد عن مظانّ الربوبيةِ وقرىء لمن خَلَفك فعلاً ماضياً أي لمن خلفك من الجبابرة ، وقرىء لمن خلقك بالقاف أي لتكون لخالقك آيةً كسائر الآيات فإن إفرادَه سبحانه إياك بالإلقاء إلى الساحل دليلٌ على أنه قصد منه كشفَ تزويرِك وإماطةَ الشبهةِ في أمرك وبرهانٌ نيِّرٌ على كمال علمِه وقدرتِه وحكمتِه وإرادتِه ، وهذا الوجهُ محتملٌ على القراءة المشهورة أيضاً وفي تعليل تنجيته بما ذكر إيذانٌ بأنها ليست لإعزازه أو لفائدة أخرى عائدةٍ إليه بل لكمال الاستهانة به وتفضيحِه على رؤوس الأشهاد وزيادةِ تفظيعِ حالِه كمن يُقتل ثم يُجرُّ جسدُه في الأسواق أو يدار برأسه في البلاد ، واللامُ الأولى متعلقةٌ بننجّيك والثانيةُ بمحذوف وقع حالاً من آية أي كائنةً لمن خلفك { وَإِن كثيراً مِنَ النَّاسِ عَن آيَاتِنَا لَغَافِلُون } لا يتفكرون بها ولا يعتبرون بها وهو اعتراضٌ تذييليٌّ جيء به عند الحكايةِ تقريراً لفحوى الكلامِ المحكيِّ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.