مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (22)

{ وَالَّذِينَ صَبَرُواْ } مطلق فيهما يصير عليه من المصائب في النفوس والأَموال ومشاق التكاليف { ابتغاء وَجْهِ رَبّهِمْ } لا ليقال ما أصبره وأحمله للنوازل وأوقره عند الزلازل ولا لئلا يعاب في الجزع ، { وأقاموا الصلاة } داوموا على إقامتها { وَأَنْفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ } أي من الحلال وإن كان الحرام رزقاً عندنا { سِرّا وَعَلاَنِيَةً } يتناول النوافل لأَنها في السر أفضل ، والفرائض لأَن المجاهرة بها أفضل نفياً للتهمة { وَيَدْرَءُونَ بالحسنة السيئة } ويدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرهم ، أو إذا حرموا أعطوا ، وإذا ظلموا عفوا ، وإذا قطعوا وصلوا ، وإذا أذنبوا تابوا ، وإذا هربوا أنابوا ، وإذا رأوا منكراً أمروا بتغييره ، فهذه ثمانية أعمال تشير إلى ثمانية أبواب الجنة { أولئك لَهُمْ عقبى الدار } عاقبة الدنيا وهي الجنة لأَنها التي أرادها الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها .