فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَٱلَّذِينَ صَبَرُواْ ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ رَبِّهِمۡ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡ سِرّٗا وَعَلَانِيَةٗ وَيَدۡرَءُونَ بِٱلۡحَسَنَةِ ٱلسَّيِّئَةَ أُوْلَـٰٓئِكَ لَهُمۡ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (22)

{ صَبَرُواْ } مطلق فيما يصبر عليه من المصائب في النفوس والأموال ومشاق التكليف { ابتغاء وَجْهِ } الله ، لا ليقال : ما أصبره وأحمله للنوازل ، وأوقره عند الزلازل ، ولا لئلا يعاب بالجزع ولئلا يشمت به الأعداء كقوله :

وَتَجَلُّدِي لِلشّامِتِينَ أُرِيِهمُ ***

ولا لأنه لا طائل تحت الهلع ولا مردّ فيه للفائت ، كقوله :

مَا أنْ جَزعْتُ وَلاَ هَلَعْ *** تُ وَلاَ يَرُدُّ بُكاي زَنْدَا

وكل عمل له وجوه يعمل عليها ، فعلى المؤمن أن ينوي منها ما به كان حسناً عند الله ، وإلا لم يستحق به ثواباً ، وكان فعل كل فعل { مّمّا رزقناهم } من الحلال ؛ لأنّ الحرام لا يكون رزقاً ولا يسند إلى الله { سِرّا وَعَلاَنِيَةً } يتناول النوافل ، لأنها في السر أفضل والفرائض ، لوجوب المجاهرة بها نفياً للتهمة { وَيَدْرَءونَ بالحسنة السيئة } ويدفعونها عن ابن عباس : يدفعون بالحسن من الكلام ما يرد عليهم من سيء غيرهم . وعن الحسن : إذا حرموا أعطوا ، وإذا ظلموا عفوا ، وإذا قطعوا وصلوا . وعن ابن كيسان : إذا أذنبوا تابوا . وقيل : إذا رأوا منكراً أمروا بتغييره { عقبى الدار } عاقبة الدنيا وهي الجنة ، لأنها التي أراد الله أن تكون عاقبة الدنيا ومرجع أهلها .