مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَٰمٗا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا زَكِيَّةَۢ بِغَيۡرِ نَفۡسٖ لَّقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـٔٗا نُّكۡرٗا} (74)

{ فانطلقا حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا فَقَتَلَهُ } قيل : ضرب برأسه الحائط . وقيل : أضجعه ثم ذبحه بالسكين . وإنما قال : { فقتله } بالفاء وقال : { خرقها } بغير فاء ، لأن { خرقها } جعل جزاء للشرط وجعل { قتله } من جملة الشرط معطوفاً عليه والجزاء { قَالَ أَقَتَلْتَ نَفْسًا } وإنما خولف بينهما لأن خرق السفينة لم يتعقب الركوب وقد تعقب القتل لقاء الغلام { زَكِيَّةً } { زاكية } حجازي وأبو عمرو وهي الطاهرة من الذنوب ، إما لأنها طاهرة عنده لأنه لم يرها قد أذنبت أو لأنها صغيرة لم يبلغ الحنث { بِغَيْرِ نَفْسٍ } أي لم تقتل نفساً فيقتص منها . وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أن نجدة الحروري كتب إليه كيف جاز قتله وقد نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن قتل الولدان ؟ فكتب إليه : إن علمت من حال الولدان ما علمه موسى فلك أن تقتل .

{ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } وبضم الكاف حيث كان : مدني وأبو بكر وهو المنكر . وقيل : النكر أقل من الإمر لأن قتل نفس واحدة أهون من إغراق أهل السفنية ، أو معناه جئت شيئاً أنكر من الأول لأن الخرق يمكن تداركه بالسد ولا يمكن تدارك القتل .