{ فانطلقا } بعد نزولهما من السفينة وسلامتهما من الغرق والعطب { حتى إذا لقيا غلاماً } قال ابن عباس : لم يبلغ الحنث { فقتله } حين لقيه كما دلت عليه الفاء العاطفة على الشرط ، قال البغوي في القصة : إنهما خرجا من البحر يمشيان فمرّ بغلمان يلعبون فأخذ غلاماً ظريفاً وضيء الوجه فأضجعه ثم ذبحه بالسكين ، قال السدي : كان أحسنهم وجهاً كان وجهه يتوقد حسناً ، قال البغوي : وروينا أنه أخذ رأسه فاقتلعه بيده ، وروى عبد الرزاق هذا الخبر وأشار بيده بأصابعه الثلاثة الإبهام والسبابة والوسطى وقلع رأسه ، وروي أنه رضخ رأسه بالحجارة ، وقيل : ضرب رأسه بالجدار فقتله وكونه لم يبلغ الحنث هو قول الأكثرين . وقال الحسن : كان رجلاً ، قال شعيب الحياني : وكان اسمه جيسور ، وقال الكلبي : كان فتى يقطع الطريق ويأخذ المتاع ويلتجئ إلى أبويه ، وقال الضحاك : كان غلاماً يعمل بالفساد ويتأذى منه أبواه ، وعن أبيّ بن كعب قال : قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم «إن الغلام الذي قتله الخضر طبع كافراً ولو عاش لأرهق أبويه طغياناً وكفراً » . قال الرازي : وليس في القرآن كيف لقياه ، هل كان يلعب مع جمع من الغلمان أو كان منفرداً ؟ وهل كان مسلماً أو كافراً ؟ وهل كان بالغاً أو صغيراً ؟ وكان اسم الغلام بالصغير أليق وإن احتمل الكبير إلا أن قوله : { بغير نفس } أليق بالبالغ منه بالصبيّ لأن الصبي لا يقتل وإن قتل ، قال البقاعي : إلا أن يكون شرعهم لا يشترط البلوغ ، وقال ابن عباس : ولم يكن نبي اللّه يقول : أقتلت نفساً زاكية بغير نفس إلا وهو صبيّ ، قال الرازي أيضاً : وكيفية قتله هل قتله بأن حزّ رأسه أو بأن ضرب رأسه بالجدار أو بطريق آخر فليس في القرآن ما يدل على شيء من هذه الأقسام انتهى . ثم أجاب الشرط بقوله مشعراً بأن شروعه في الإنكار في هذه أسرع { قال } موسى : { أقتلت } يا خضر { نفساً زاكية بغير نفس } قتلتها ليكون قتلها لها قوداً ، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بألف بعد الزاي وتخفيف الياء التحتية والباقون بغير ألف بعد الزاي وتشديد التحتية ، قال الكسائي : الزاكية والزكية لغتان ومعنى هذه الطهارة ، وقال أبو عمرو : الزاكية التي لم تذنب والزكية التي أذنبت ثم تابت ثم استأنف قوله : { لقد } أظهر الدال نافع وابن كثير وابن ذكوان وعاصم وأدغمها الباقون { جئت } في قتلك إياها { شيئاً } وصرح بالإنكار في قوله : { نكراً } لأن مباشرة الخرق سبب ، ولهذا قال بعضهم : النكر أعظم من الأمر في القبح لأن قتل الغلام أعظم من خرق السفينة لأنه يمكن أن لا يحصل الغرق ، وأمّا هنا فقد حصل الإتلاف قطعاً ، والنكر ما أنكرته العقول ونفرت منه النفوس فهو أبلغ في القبح من الأمر ، وقيل : الأمر أعظم لأن خرق السفينة يؤدي إلى إتلاف نفوس كثيرة وهذا القتل ليس إلا إتلاف شخص واحد ، وقرأ نافع وابن ذكوان وشعبة برفع الكاف والباقون بسكونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.