الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَٰمٗا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا زَكِيَّةَۢ بِغَيۡرِ نَفۡسٖ لَّقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـٔٗا نُّكۡرٗا} (74)

قوله : { فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله } [ 73 ] إلى قوله : { لتخذت عليه أجرا } [ 76 ] .

المعنى : فانطلق موسى والخضر يسيران حتى لقيا غلاما فقتله ]{[43218]} الخضر . قال : ابن جبير : وجد الخضر علمانا يلعبون فأخذ غلاما ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين{[43219]} . قيل كان اسمه جيسور{[43220]} . قال : له موسى { أقتلت نفسا زاكية بغير نفس } [ 73 ] أي بريئة{[43221]} . وقيل معناها{[43222]} ليس لها إليك ذنب ، قاله اليزيدي{[43223]} . وعن ابن عمر : " زاكية " صالحة . وعنه{[43224]} " زاكية " لا ذنب لها{[43225]} .

فأما من قرأ " زكية " {[43226]} بغير ألف{[43227]} ، فقال : ابن عباس{[43228]} وقتادة : الزكية التائبة{[43229]} . وقال : ابن جبير : الزكية التي لم تبلغ الخطايا{[43230]} . وقال قطرب : زكية مطهرة{[43231]} . وقال : الكسائي والفراء هما لغتان . ومعناه عندهما لم يجن جناية{[43232]} .

وقوله : { بغير نفس } [ 73 ] .

أي : بغير قصاص نفس قتلت فيلزمها القصاص قودا بها{[43233]} .

وهذا المعنى يدل على أن الذي قتله الخضر لم يكن طفلا بل كان بالغا{[43234]} . لأن القود بالنفس لا يكون إلا بعد البلوغ{[43235]} .

ثم قال : { لقد جئت شيئا نكرا } [ 73 ] .

أي : لقد فعلت فعلا منكرا{[43236]} .

قال : بعض أهل اللغة " الإمر : أشد من " النكر " لأن الأمر إنما/يستعمل في الشيء العظيم . فلما كان هلاك جماعة في خرق السفينة قال : " امرا " وقال : هنا " نكرا " لأنه قتل واحدا وقتل الجماعة أعظم من قتل واحد{[43237]} . وروي عن قتادة أنه قال : النكر أشد من الأمر{[43238]} .

وقيل معناه : لقد جئت شيئا أنكر من الأول{[43239]} .


[43218]:ساقط من ق.
[43219]:هذا الأثر أخرجه البخاري في الصحيح كتاب رقم 4726 وانظره في جامع البيان 15/286، والجامع 11/14.
[43220]:ق: "جيشون". والقول لشعيب الجبئي، انظر جامع البيان 15/286 والدر 5/428 وفي الجامع 11/16 عن الضحاك أنه "حيسون".
[43221]:وهو قول الحسن انظر الحجة 424 وهو تفسير الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/303.
[43222]:ط: معناه.
[43223]:هو إبراهيم بن يحيى بن المبارك العدوي، أبو إسحاق، عالم بالأدب واللغة مفسر مقرئ وتوفي سنة 225 هـ انظر ترجمته في تاريخ بغداد 14/146 ومرآة الجنان 2/3. وطبقات القراء 1/29 والأعلام 8/163.
[43224]:ق: "جيشون". والقول لشعيب الجبئي، انظر جامع البيان 15/286 والدر 5/428 وفي الجامع 11/16 عن الضحاك أنه "حيسون".
[43225]:ط زاد: "عليك" وانظر قول ابن عمر في إعراب النحاس 2/466 والحجة لابن خالويه 227، والجامع 11/15 وفيه أنه قول أبي عمرو.
[43226]:ق: "زاكية".
[43227]:وفي قراءة عاصم وابن عامر وحمزة والكسائي، انظر جامع البيان 15/286، والسبعة 395، والحجة 424 والكشف 2/68، والتيسير 144 والجامع 11/15 والنشر 2/313 وتحبير التيسير 135.
[43228]:وهو قول الحسن انظر الحجة 424 وهو تفسير الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/303.
[43229]:ق: الثانية" وهذا القول ينسب أيضا للضحاك والحسن وعطية انظر جامع البيان 15/286 والحجة لابن خالويه 227 والدر 5/426.
[43230]:انظر قوله في الدر 5/426.
[43231]:وهو قول أبي عبيدة أيضا انظر مجاز القرآن 1/410.
[43232]:انظر قولهما في معاني الفراء 2/155، والحجة لابن خالويه 227 والحجة 424.
[43233]:وهو تفسير ابن جرير، انظر جامع البيان 15/286.
[43234]:وهو قول النحاس، انظر إعراب النحاس 2/466، وفي الجامع 11/16 قال الجمهور، ولم يكن بالغا.
[43235]:انظر المحلي 10/344. وحكى ابن رشد الاتفاق عليه، انظر بداية المجتهد 2/396 والفقه الإسلامي 6/265.
[43236]:ساقط من ق. وانظر هذا التفسير في غريب القرآن 270 وجامع البيان 15/286.
[43237]:وهو قول الزجاج انظر معاني الزجاج 3/303.
[43238]:انظر قوله في جامع البيان 15/287، والدر 5/426.
[43239]:حكاه الزجاج، انظر معاني الزجاج 3/303.