بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{فَٱنطَلَقَا حَتَّىٰٓ إِذَا لَقِيَا غُلَٰمٗا فَقَتَلَهُۥ قَالَ أَقَتَلۡتَ نَفۡسٗا زَكِيَّةَۢ بِغَيۡرِ نَفۡسٖ لَّقَدۡ جِئۡتَ شَيۡـٔٗا نُّكۡرٗا} (74)

{ فانطلقا } ، أي خرجا من السفينة ومضيا ، { حتى إِذَا لَقِيَا غُلاَمًا } ؛ قال الكلبي : كان اسمه خشنوذ . وقال غيره : كان اسمه خربث بن كاذري فقتله ، أي أخذ برأسه قرعة . قال ابن عباس في رواية أبي صالح : كان رجلاً إلا أنه لم يهتك بعد ، وكان كافراً يقطع الطريق ؛ وقال سعيد بن جبير في رواية ابن عباس : كان صبياً غير مدرك فمر بغلمان يلعبون ، فأخذ برأس غلام منهم فقطعه ؛ وقال في بعض الروايات : خنقه ؛ فذلك قوله : { فَقَتَلَهُ } . وروي أن نجدة الحروري كتب إلى ابن عباس أن النبي نهى عن قتل الصبيان في دار العرب ، وأن صاحب موسى قد قتل صبيّاً قكتب إليه ابن عباس : إنك لو علمت من الصبيان ما علم صاحب موسى ، جاز لك أن تقتله .

{ قَالَ } له موسى : { أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ } ، أي طاهرة بغير ذنب ؟ ويقال : زكية لم تجن عليك بغير نفس ، يقول : بغير دم وجب عليها . قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو { ***زَاكِيَةً } بالألف ، وقرأ الباقون بغير ألف ؛ ومعناهما واحد مثل قاسية وقسية ، وقال القتبي الزكية المطهرة التي لم تذنب قط . { نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئاً نُّكْراً } ، أي منكراً أي أَمراً فظيعاً . قال القتبي : إنما قال ها هنا { نكراً } ، لأن قتل النفس أشد استعظاماً من خرق السفينة ؛ وقال الزجاج : نكراً أقل من إمراً ، لأن إغراقه من في السفينة كان أعظم عنده من قتل النفس الواحدة .