مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَٱلۡبُدۡنَ جَعَلۡنَٰهَا لَكُم مِّن شَعَـٰٓئِرِ ٱللَّهِ لَكُمۡ فِيهَا خَيۡرٞۖ فَٱذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ عَلَيۡهَا صَوَآفَّۖ فَإِذَا وَجَبَتۡ جُنُوبُهَا فَكُلُواْ مِنۡهَا وَأَطۡعِمُواْ ٱلۡقَانِعَ وَٱلۡمُعۡتَرَّۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرۡنَٰهَا لَكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ} (36)

{ والبدن } جمع بدنة سميت لعظم بدنها وفي الشريعة يتناول الإبل والبقر ، وقرىء برفعها وهو كقوله { والقمر قدرناه } [ يس : 39 ] { جعلناها لَكُمْ مّن شعائر الله } أي من أعلام الشريعة التي شرعها الله ، وإضافتها إلى اسمه تعظيم لها و { من شعائر الله } ثاني مفعولي { جعلنا } { لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ } النفع في الدنيا والأجر في العقبى { فاذكروا اسم الله عَلَيْهَا } عند نحرها { صَوَافَّ } حال من الهاء أي قائمات قد صففن أيديهن وأرجلهن { فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا } وجوب الجنوب وقوعها على الأرض من وجب الحائط وجبة إذا سقط أي إذا سقطت جنوبها على الأرض بعد نحرها وسكنت حركتها { فَكُلُواْ مِنْهَا } إن شئتم { وَأَطْعِمُواْ القانع } السائل من قنعت إليه إذا خضعت له وسألته قنوعاً { والمعتر } الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل . وقيل : القانع الراضي بما عنده وبما يعطي من غير سؤال من قنعت قنعاً وقناعة ، والمعتر المتعرض للسؤال { كذلك سخرناها لَكُمْ } أي كما أمرناكم بنحرها سخرناها لكم ، أو هو كقوله { ذلك ومن يعظم } ثم استأنف فقال { سخرناها لكم } أي ذللناها لكم مع قوتها وعظم أجرامها لتتمكنوا من نحرها { لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } لكي تشكروا إنعام الله عليكم .