مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا يَـٰٓأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡأَمِينُ} (26)

{ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا ياأبت استجره } اتخذه أجيراً لرعي الغنم . رُوي أن كبراهما كانت تسمى صفراء والصغرى صفيراء ، وصفراء هي التي ذهبت به وطلبت إلى أبيها أن يستأجره وهي التي تزوجها { إِنَّ خَيْرَ مَنِ استجرت القوى الأمين } فقال : وما علمك بقوته وأمانته ؟ فذكرت نزع الدلو وأمرها بالمشي خلفه . وورد الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أن أمانته وقوته أمران متحققان . وقولها { إن خير من استأجرت القوي الأمين } كلام جامع لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك ، وقيل : القوي في دينه الأمين في جوارحه . وقد استغنت بهذا لكلام الجاري مجرى المثل عن أن تقول استأجره لقوته وأمانته . وعن ابن مسعود رضي الله عنه : أفرس الناس ثلاث : بنت شعيب وصاحب يوسف في قوله { عسى أَن يَنفَعَنَا } [ يوسف : 21 ]