السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{قَالَتۡ إِحۡدَىٰهُمَا يَـٰٓأَبَتِ ٱسۡتَـٔۡجِرۡهُۖ إِنَّ خَيۡرَ مَنِ ٱسۡتَـٔۡجَرۡتَ ٱلۡقَوِيُّ ٱلۡأَمِينُ} (26)

{ قالت إحداهما } أي : المرأتين وهي التي دعته إلى أبيها مشيرة بالنداء بأداة البعد إلى استصغارها لنفسها وجلالة أبيها { يا أبت استأجره } أي : اتخذه أجيراً ليرعى أغنامنا { إن خير مَنْ استأجرت القويّ الأمين } أي : خير من استعملت من قوي على العمل لشيء من الأشياء وأداء الأمانة ، قال أبو حيان : وقولها قول حكيم جامع لا يزاد عليه لأنه إذا اجتمعت هاتان الخصلتان أعني الكفاية والأمانة في القائم بأمرك فقد فرغ بالك وتم مرادك وقد استغنت بإرسال هذا الكلام الذي سياقه سياق المثل والحكمة أن تقول استأجره لقوّته وأمانته ، وإنما جعل خير من استأجرت اسماً والقويّ الأمين خبراً مع أن العكس أولى لأنّ العناية هي سبب التقديم ، وقد صدقت حتى جعل لها ما هو أحق بأن يكون خبراً اسماً ، وورود الفعل بلفظ الماضي للدلالة على أنه أمر قد جرب وعرف .

وعن ابن عباس : أن شعيباً اختطفته الغيرة فقال وما علمك بقوّته وأمانته فذكرت إقلال الحجر ونزع الدلو وإنه صوّب أي : خفض رأسه حين بلغته رسالة أبيها إليه وأمرها بالمشي خلفه ، وعن ابن مسعود أفرس الناس ثلاثة بنت شعيب وصاحب يوسف في قوله { عسى أن ينفعنا } وأبو بكر في عمر .