مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالَ إِنِّيٓ أُرِيدُ أَنۡ أُنكِحَكَ إِحۡدَى ٱبۡنَتَيَّ هَٰتَيۡنِ عَلَىٰٓ أَن تَأۡجُرَنِي ثَمَٰنِيَ حِجَجٖۖ فَإِنۡ أَتۡمَمۡتَ عَشۡرٗا فَمِنۡ عِندِكَۖ وَمَآ أُرِيدُ أَنۡ أَشُقَّ عَلَيۡكَۚ سَتَجِدُنِيٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ مِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

{ قَالَ إِنّى أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ } أزوجك { إِحْدَى ابنتى هَاتَيْنِ } قوله { هاتين } يدل على أنه كان له غيرها وهذه مواعدة منه ولم يكن ذلك عقد نكاح إذ لو كان عقداً لقال قد أنكحتك { على أَن تَأْجُرَنِى } تكون أجيراً لي من أجرته إذا كنت له أجيراً { ثَمَانِىَ حِجَجٍ } ظرف والحجة السنة وجمعها حجج والتزوج على رعي الغنم جائز بالإجماع لأنه من باب القيام بأمر الزوجية فلا مناقضة بخلاف التزوج على الخدمة { فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً } أي عمل عشر حجج { فَمِنْ عِندِكَ } فذلك تفضل منك ليس بواجبة عليك ، أو فإتمامه من عندك ولا أحتمه عليك ولكنك إن فعلته فهو منك تفضل وتبرع { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ } بإلزام أتم الأجلين ، وحقيقة قولهم : شققت عليه وشق عليه الأمر أن الأمر إذا تعاظمك فكأنه شق عليك ظنك باثنين تقول تارة أطيقه وطوراً لا أطيقه { سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصالحين } في حسن المعاملة والوفاء بالعهد ، ويجوز أن يراد الصلاح على العموم ويدخل تحته حسن المعاملة . والمراد باشتراطه مشيئة الله فيما وعد من الصلاح الاتكال على توفيقه فيه ومعونته لأنه إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل ذلك