مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (7)

{ وَأَوْحَيْنَا إلى أُمّ موسى } بالإلهام أو بالرؤيا أو بإخبار ملك كما كان لمريم ، وليس هذا وحي رسالة ولا تكون هي رسولاً { أَنْ أَرْضِعِيهِ } «أن » بمعنى أي أو مصدرية { فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ } من القتل بأن يسمع الجيران صوته فينمو عليه { فَأَلْقِيهِ فِى اليم } البحر ، قيل : هو نيل مصر { وَلاَ تَخَافِى } من الغرق والضياع { وَلاَ تَحْزَنِى } بفراقه { إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ } بوجه لطيف لتربيته { وجاعلوه مِنَ المرسلين } وفي هذه الآية أمران ونهيان وخبران وبشارتان . والفرق بين الخوف والحزن أن الخوف غم يلحق الإنسان لمتوقع ، والحزن غم يلحقه لواقع وهو فراقه والإخطار به فنهيت عنهما وبشرت برده إليها وجعله من المرسلين . ورُوي أنه ذبح في طلب موسى تسعون ألف وليد . ورُوي أنها حين ضربها الطلق وكانت بعض القوابل الموكلات بحبالى بني إسرائيل مصافية لها فعالجتها فلما وقع إلى الأرض هالها نور بين عينيه ودخل حبه قلبها فقالت : ما جئتك إلا لأقتل مولودك وأخبر فرعون ولكن وجدت لابنك حباً ما وجدت مثله فاحفظيه ، فلما خرجت القابلة جاءت عيون فرعون فلفته في خرقة ووضعته في تنور مسجور لم تعلم ما تصنع لما طاش من عقلها فطلبوا فلم يلقوا شيئاً فخرجوا وهي لا تدري مكانه فسمعت بكاءه من التنور فانطلقت إليه وقد جعل الله النار برداً وسلاماً ، فلما ألح فرعون في طلب الولدان أوحي إليها بإلقائه في اليم فألقته في اليم بعد أن أرضعته ثلاثة أشهر