فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَوۡحَيۡنَآ إِلَىٰٓ أُمِّ مُوسَىٰٓ أَنۡ أَرۡضِعِيهِۖ فَإِذَا خِفۡتِ عَلَيۡهِ فَأَلۡقِيهِ فِي ٱلۡيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحۡزَنِيٓۖ إِنَّا رَآدُّوهُ إِلَيۡكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ ٱلۡمُرۡسَلِينَ} (7)

{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 7 ) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ( 8 ) وَقَالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ( 9 ) }

{ وأوحينا إلى موسى } أي : ألهمناها الذي صنعت بموسى ، قاله ابن عباس : وليس ذلك هو الوحي الذي يوحى إلى الرسل ، وقيل : كان ذلك رؤيا في منامها وقيل :كان ذلك بملك أرسله الله يعلمها بذلك فعلى هذا هو وحي إعلام لا إلهام ، وقد أجمع العلماء على أنها لم تكن نبية وإنما كان إرسال الملك إليها عند من قال به نحو تكلم الملك للأقرع والأبرص والأعمى كما في الحديث في الصحيحين و غيرهما . وقد سلمت على عمران ابن حصين الملائكة ، كما في الحديث الثابت في الصحيح ، فلم يكن بذلكم نبيا ، وكان اسمها يوحانذ ، وقيل : لوخا بنت هند بنت لاوي بن يعقوب ، نقله القرطبي عن الثعلبي .

{ أن أرضعيه } أن هي المفسرة ، لأن في الوحي معنى القول ، أو بأن أرضعيه قيل : أرضعته ثمانية أشهر ، وقيل : أربعة ، وقيل : ثلاثة ، كانت ترضعه وهو لا يبكي ولا يتحرك في حجرها ، وكان الوحي برضاعه قبل ولادتها ، وقيل : بعدها ، وأمرها بإرضاعه مع أنها ترضعه طبعا ليألف لبنها فلا يقبل ثدي غيرها ، بعد وقوعه في يد فرعون .

{ فإن خفت عليه } من فرعون بأن يبلغ خبره إليه فيذبحه ، قال ابن عباس : أن يسمع جيرانك صوته { فألقيه في اليم } وهو بحر النيل ، وقد تقدم بيان الكيفية التي ألقته في اليم عليها في سورة طه { ولا تخافي } عليه الغرق والضيعة .

{ ولا تحزني } لفراقه والخوف غم يصيب الإنسان لأمر يتوقعه في المستقبل ، والحزن غم يصيبه وقع ومضى ، فلا يقال ما الفرق بينهما ، حتى عطف أحدهما على الآخر في الآية .

{ إنا رادوه إليك } عن قريب على وجه تكون به نجاته ، وتأمين عليه ، والجملة تعليل للنهي عن الخوف والحزن .

{ وجاعلوه من المرسلين } الذين نرسلهم إلى العباد ، وقد اشتملت هذه الآية على أمرين : أرضعيه ، وألقيه ، ونهيين : لا تخافي ، ولا تحزني ، وخبرين : إنا رادوه ، وجاعلوه ، وبشارتين في ضمن الخبرين ، وهما الرد ، والجعل المذكوران .