مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ} (148)

{ سَيَقُولُ الذين أَشْرَكُواْ } إخبار بما سوف يقولونه { لَوْ شَآءَ الله } أن لا نشرك { مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ ءَابَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا مِن شَيْءٍ } ولكن شاء فهذا عذرنا ، يعنون أن شركهم وشرك آبائهم وتحريمهم ما أحل الله لهم بمشيئته ولولا مشيئته لم يكن شيء من ذلك { كذلك كَذَّبَ الذين مِن قَبْلِهِمْ } أي كتكذيبهم إياك . كان تكذيب المتقدمين رسلهم وتشبثوا بمثل هذا فلم ينفعهم ذلك إذ لم يقولوه عن اعتقاد بل قالوا ذلك استهزاء ، ولأنهم جعلوا مشيئته حجة لهم على أنهم معذورون به وهذا مردود لا الإقرار بالمشيئة ، أو معنى المشيئة هنا الرضا كما قال الحسن : أي رضي الله منا ومن آبائنا الشرك والشرك مراد لكنه غير مرضي ، ألا ترى أنه قال { فَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ } أخبر أنه لو شاء منهم الهدى لآمن كلهم ولكن لم يشأ من الكل الإيمان بل شاء من البعض الإيمان ومن البعض الكفر ، فيجب حمل المشيئة هنا على ما ذكرناه دفعاً للتناقض { حتى ذَاقُواْ بَأْسَنَا } حتى أنزلنا عليهم العذاب { قُلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ } من أمر معلوم يصح الاحتجاج به فيما قلتم { فَتُخْرِجُوهُ لَنَا } فتظهروه { إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظن وَإِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَخْرُصُونَ } تكذبون