غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ} (148)

141

ثم حكى أعذار الكفار الواهية فقال : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } وإنما جاز العطف عل الضمير المرفوع المتصل من غير أن أكد بالمنفصل لمكان الفصل بعد حرف العطف بلا الزائدة لتأكيد النفي . أخبر الله تعالى بما سوف يقولونه ولما قالوه . قال في سورة النحل : { وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء } [ النحل : 35 ] وإنما قال في سورة النحل بزيادة «نحن » و«من دونه » مرتين لأن الإشراك مستنكر مطلقاً . فلفظ الإشراك يدل على إثبات شريك لا يجوز إثباته ، وعلى تحليل أشياء وتحريم أشياء من دون الله فلم يحتج إلى لفظ من دونه ، وأما العبادة فإنها غير مستنكرة على الإطلاق وإنما المستنكر عبادة شيء مع الله سبحانه ، ولا تدل على تحريم شيء فلم يكن بد من تقييده بقوله : { من دونه } ولما حذف من الآية لفظة { من دونه } مرتين حذف معه { نحن } لتطرد الآية في حكم التخفيف . أما تفسير الآية فزعمت المعتزلة أنها تدل على قولهم في مسألة إرادة الكائنات من سبعة أوجه : الأول أن الذي حكى عن الكفار في معرض الذم والتقبيح وذلك قولهم : «لو شاء الله منا أن لا نشرك لم نشرك » هو صريح قول المجبرة فيكون هذا المذهب مذموماً . الثاني قوله : { كذلك كذب الذين من قبلهم } فلم يذكر المكذب به تنبيهاً على أنهم جاؤوا بالتكذيب المطلق لأن الله عز وعلا ركب في العقول وأنزل في الكتب ما دل على غناه وبراءته من مشيئته القبائح وإرادتها ، والرسل أخبروا بذلك فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشيئة الله وإرادته فقد كذب التكذيب كله وهو تكذيب الله ورسله وكتبه ونبذ أدلة السمع والعقل وراء ظهره . والحاصل أن هذا طريق متعين لكل الكفار المتقدمين منهم والمتأخرين في تكذيب الأنبياء وفي دفع دعوتهم عن أنفسهم لأنهم يقولون الكل بمشيئة الله تعالى . الثالث قوله : { حتى ذاقوا بأسنا } وذلك يدل على أنهم استوجبوا الوعيد من الله تعالى في هذا المذهب . الرابع قوله : { قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا } وإنه استفهام على سبيل الإنكار أي لا علم لهؤلاء القائلين ولا حجة الخامس : { إن تتبعون إلا الظن } السادس : { وإن أنتم إلا تخرصون } .

/خ150