الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{سَيَقُولُ ٱلَّذِينَ أَشۡرَكُواْ لَوۡ شَآءَ ٱللَّهُ مَآ أَشۡرَكۡنَا وَلَآ ءَابَآؤُنَا وَلَا حَرَّمۡنَا مِن شَيۡءٖۚ كَذَٰلِكَ كَذَّبَ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ حَتَّىٰ ذَاقُواْ بَأۡسَنَاۗ قُلۡ هَلۡ عِندَكُم مِّنۡ عِلۡمٖ فَتُخۡرِجُوهُ لَنَآۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَإِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا تَخۡرُصُونَ} (148)

/{[22425]} قوله : { سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا } ( الآية ){[22426]} [ 149 ] .

والمعنى : سيقول المشركون من قريش وغيرهم – الذين تقدم ذكرهم – إذا تبين لهم أنهم على باطل ، قالوا : لو شاء الله ما فعلنا ذلك ، ثم أخبرنا الله أن قولهم هذا ( قد ){[22427]} قال به من كان قبلهم حتى نزلت بهم العقوبة ، وهو قوله : { كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا } أي : نزلت{[22428]} بهم عقوبة فعلهم{[22429]} .

وقد تعلقت المعتزلة بهذه الآية فقالوا{[22430]} : إن الله لم يِشأ شرك المشركين ، لأ ، الله لم يذكر هذه الآية إلا على جهة الذم{[22431]} لهم في قولهم : إن الله لو شاء ما أشركوا . فأضافوا ما هم عليه من الشرك أنه عن مشيئته كان ولو أن قولهم صحيح . ما{[22432]} ذَمَّهُم عليه . قالوا : فدَلَّ ذلك على أن الله لم يشأ شرك المشرك .

وفي قوله تعالى – بعد الآية -{[22433]} : { فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا }{[22434]} ما يدل على بطلان كذلك ، بل الله المقدر لكل أمر من شرك وغيره{[22435]} .

ومعنى : { لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا } أي : لو شاء لأرسل إلى آبائنا رسولا يردهم عن الشرك ، فنتبعهم{[22436]} . وقيل : إنما قالوا ذلك{[22437]} على جهة الهُزْء واللعب والاستخفاف ، ولو قالوه على يقين وحق لما رَدَّ{[22438]} عليهم ذلك{[22439]} .

ثم قال لنبيه : { قل هل عندكم من علم } : ( قل ) لهم يا محمد : { هل عندكم من علم } على ما تقولون{[22440]} وتدّعون أن الله رضي ما صنعتم من عبادتكم الأوثان وتحريمكم ما لم يأمركم به ؟ ، { فتخرجوه لنا } أي : فتظهروا العلم بذلك ، وما تتبعون إلى الظن في عبادتكم وتحريمكم ، وما أنتم إلا تخرصون ، أي : تتقَوّلون الكذب والباطل على الله ظنا{[22441]} بغير علم ولا برهان{[22442]} .


[22425]:بعضها مطموس مع بعض الخرم.
[22426]:ساقطة من ب د.
[22427]:ساقطة من د.
[22428]:د: فيهم.
[22429]:انظر: تفسير الطبري 12/208، 209.
[22430]:د: فقال.
[22431]:ب: اللزوم.
[22432]:ب: ماد.
[22433]:ب د: هذه الآية.
[22434]:الأنعام آية 145، والأعراف آية 35، ويونس آية 17، والكهف آية 15. أما الآية الموجودة بعد هذه في (الأنعام) هي: {فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدق عنها} [الآية 158].
[22435]:انظر: الإبانة 131 وما بعدها، وشرح الفقه الأكبر 83، وتحفة المريد 106، هذا ولابن الحاج القفطي – في هذا الموضوع – كتاب (حز الغلاصم في إفحام المخاصم عند جريان النظر في أحكام القدر)، وانظر: المحرر 6/175.
[22436]:ب : فتتبعهم. وهو قول النحاس في إعرابه 1/590.
[22437]:ب د: هذا.
[22438]:د: ورد.
[22439]:قال الطبري في تفسيره 12/210: (ولو كان ذلك خبرا من الله عن كذبهم...لقال: {كذلك كذب الذين من قبلهم} بتخفيف الذال، وكان ينسبهم في ميلهم ذلك إلى الكذب على الله، لا إلى التكذيب) 12/210. وعقب في المحرر على هذا المعنى بقوله: (وهذا ضعيف).
[22440]:ب: يقولون.
[22441]:ب: ظننا.
[22442]:انظر: تفسير الطبري 12/210، 211.