مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلۡحَبِّ وَٱلنَّوَىٰۖ يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتِ مِنَ ٱلۡحَيِّۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (95)

{ إِنَّ الله فَالِقُ الحب والنوى } بالنبات والشجر أي فلق الحب عن السنبلة والنواة عن النخلة ، والفلق : الشق ، وعن مجاهد : أراد الشقين اللذين في النواة والحنطة { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } النبات الغض النامي من الحب اليابس { وَمُخْرِجُ الميت مِنَ الحي } الحب اليابس من النبات النامي ، أو الإنسان من النطفة والنطفة من الإنسان ، أو المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، فاحتج الله عليهم بما يشاهدونه من خلقه لأنهم أنكروا البعث فأعلمهم أنه الذي خلق هذه الأشياء فهو يقدر على بعثهم .

وإنما قال { وَمُخْرِجُ الميت } بلفظ اسم الفاعل لأنه معطوف على فالق الحب لا على الفعل { وَيُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } موقعه موقع الجملة المبينة لقوله { فَالِقُ الحب والنوى } لأن فلق الحب والنوى بالنبات والشجر الناميين من جنس إخراج الحي من الميت لأن النامي في حكم الحيوان دليله قوله : { ويحيي الأرض بعد موتها } [ الروم : 19 ] . { ذلكم الله } ذلكم المحيي والمميت هو الله الذي تحق له الربوبية لا الأصنام { فأنى تُؤْفَكُونَ } فكيف تصرفون عنه وعن تواليه إلى غيره بعد وضوح الأمر بما ذكرنا