مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{وَمَا قَدَرُواْ ٱللَّهَ حَقَّ قَدۡرِهِۦٓ إِذۡ قَالُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ بَشَرٖ مِّن شَيۡءٖۗ قُلۡ مَنۡ أَنزَلَ ٱلۡكِتَٰبَ ٱلَّذِي جَآءَ بِهِۦ مُوسَىٰ نُورٗا وَهُدٗى لِّلنَّاسِۖ تَجۡعَلُونَهُۥ قَرَاطِيسَ تُبۡدُونَهَا وَتُخۡفُونَ كَثِيرٗاۖ وَعُلِّمۡتُم مَّا لَمۡ تَعۡلَمُوٓاْ أَنتُمۡ وَلَآ ءَابَآؤُكُمۡۖ قُلِ ٱللَّهُۖ ثُمَّ ذَرۡهُمۡ فِي خَوۡضِهِمۡ يَلۡعَبُونَ} (91)

{ وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ الله على بَشَرٍ مّن شَيْءٍ } أي ما عرفوه حق معرفته في الرحمة على عباده حين أنكروا بعثة الرسل والوحي إليهم ، وذلك من أعظم رحمته { وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين } [ الأنبياء : 107 ] رُوي أن جماعة من اليهود منهم مالك بن الصيف كانوا يجادلون النبي عليه السلام فقال النبي عليه السلام له « أليس في التوراة أن الله يبغض الحبر السمين » قال : نعم . قال : « فأنت الحبر السمين » فغضب وقال : ما أنزل الله على بشر من شيء . و { حَقَّ قَدْرِهِ } منصوب نصب المصدر .

{ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الكتاب الذى جَاء بِهِ موسى نُوراً } حال من الضمير في { بِهِ } أو { مِّنَ الكتاب } { وَهُدًى لّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قراطيس تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً } مما فيه نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بعضوه وجعلوه قراطيس مقطعة وورقات مفرقة ليتمكنوا مما راموا من الإبداء والإخفاء . وبالياء في الثلاثة : مكي وأبو عمرو { وَعُلِّمْتُمْ } يا أهل الكتاب بالكتاب { مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ ءَابَاؤُكُمْ } من أمور دينكم ودنياكم { قُلِ الله } جواب أي أنزله الله فإنهم لا يقدرون أن يناكروك { ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ } في باطلهم الذي يخوضون فيه { يَلْعَبُونَ } حال من { ذَرْهُمْ } أو { مِنْ خَوْضِهِمْ }