الآية 95 وقوله تعالى : { إن الله فالق الحب والنوى } قيل : { فالق الحب والنوى } كما قال الله تعالى : { فاطر السماوات والأرض } [ الأنعام : 14 ] وكقوله تعالى : { أو خلقا مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة فسينغضون إليك رءوسهم ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا } [ الإسراء : 51 ] أي خلقكم ؛ يخبر أنه { فالق الحب والنوى } خص الحب [ والنوى ]{[7468]} بالذكر لما منهما خلق جميع ما في الدنيا من الأنزال والحبوب كقوله تعالى : { خلقكم من نفس واحدة } [ النساء : 1 ] منه ما خلق ما في الدنيا من البشر ، فأضاف ذلك إليه . فعلى ذلك لما خلق هذه الأنزال كلها من الحب والنوى ، ومنهما{[7469]} أخرج ، أضاف إليه{[7470]} ذلك ، والله أعلم .
ويحتمل ليس بإخبار عن ابتداء إنشاء ، ولكن إخبار عن لطفه [ وقدرته ]{[7471]} والفلق هو الشق . يخبر أنه يشق النواة مع شدتها وصلابتها ، ويخرج منها نبتا أخضر لينا ما لو اجتمع كل الخلائق على إنفاذه وإخراج مثله من غير أذى يصيب ذلك النبت ما قدروا عليه ؛ يخبر عن لطفه وقدرته . أي من قدر على هذا [ فهو قادر ]{[7472]} على إعادة الخلق وبعثهم بعد إماتتهم وإفنائهم ، وإن لم يبق لهم أثر ، ما قدر على هذا ؛ يعرفهم قدرته أنها غير مقدرة بقدرة الخلق وبقوتهم ، بل خارجة عن قوتهم لأن قوته وقدرته ذاتية أزلية بلا سبب ، وقوتهم وقدرتهم بأسباب . وكذلك ما يشق من الورق الضعيف اللين [ من ]{[7473]} الشجر والنخل مع شدته وصلابته ما لو اجتمع الخلائق كلهم على شق ذلك الشجر بذلك الورق مع لينه ما قدروا عليه ؛ يعرفهم لطفه وقدرته أنه لا يعجزه شيء .
وفيه أن ذلك فعل واحد لأنه لو كان فعل عدد لكان إذا أراد هذا شقه منع الآخر عن ذلك . وفيه أنه على تدبير خرج لا جزافا حين{[7474]}اتفق ذلك في كل عام على قدر واحد .
وقوله تعالى : { يخرج الحي من الميت ومخرج الميت من الحي } إن الحب والنوى التي ذكر ميت يخرج{[7475]} منها النبات الأخضر حيا ، ثم يميت ذلك ، ويخرج منه حبا ونوى{[7476]} . وفيه دلالة البعث بعد الموت ؛ يقول : إن الذي قدر على إخراج النبات الأخضر الحي من حبة ميتة ونواة ميتة ، وليس فيها من أثر ذلك الحي شيء ، لقادر أن يبعثهم ، ويحييهم بعد الموت ، وإن لم يبق من أثر الحياة شيء . وقد ذكرنا هذا في ما تقدم في غير موضع .
وقوله تعالى : { فأنى تؤفكون } أي ذلكم الذي يفعل ذلك ؛ هو الله تعالى ، لا الأصنام التي تعبدونها ، وأشركتم في عبادتكم الله{[7477]} وألوهيته . أي حجة تصرفكم عما ذكر ؟ أي حجة لكم في صرف الألوهية عنه إلى غيره وفي{[7478]} صرف العبادة إلى الأصنام ؟
وقوله تعالى : { فأنى تؤفكون } قيل : فأنى تصرفون عما ذكر من دلالات وألوهيته وربوبيته . والإفك هو الصرف في اللغة كقوله تعالى : { قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا } [ الأحقاف : 22 ] أي{[7479]} لتصرفنا . وقيل : { تؤفكون } تكذبون ؛ أي ما الذي حملكم على الكذب ؟ والكذب والصرف واحد في الحقيقة ، لأن الكذب هو صرف قول الحق إلى الباطل ، وهما واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.