فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{۞إِنَّ ٱللَّهَ فَالِقُ ٱلۡحَبِّ وَٱلنَّوَىٰۖ يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَمُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتِ مِنَ ٱلۡحَيِّۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ تُؤۡفَكُونَ} (95)

قوله : { إِنَّ الله فَالِقُ الحب والنوى } هذا شروع في تعداد عجائب صنعه تعالى ، وذكر ما يعجز آلهتهم عن أدنى شيء منه ، والفلق الشق : أي هو سبحانه فالق الحبّ فيخرج منه النبات ، وفالق النوى فيخرج منه الشجر . وقيل : معنى : { فَالِقُ الحب والنوى } الشق الذي فيهما من أصل الخلقة . وقيل معنى { فَالِقُ } خالق ، والنوى : جمع نواة يطلق على كل ما فيه عجم كالتمر والمشمش والخوخ .

قوله : { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } هذه الجملة خبر بعد خبر ، فهي في محل رفع . وقيل : هي جملة مفسرة لما قبلها ، لأن معناها معناه ، والأول : أولى ، فإن معنى { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } يخرج الحيوان من مثل النطفة والبيضة وهي ميتة . ومعنى : { وَمُخْرِجُ الميت مِنَ الحي } مخرج النطفة والبيضة وهي ميتة من الحيّ ، وجملة : { وَمُخْرِجُ الميت مِنَ الحي } معطوفة على { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } عطف جملة اسمية على جملة فعلية ، ولا ضير في ذلك . وقيل : معطوفة على ( فالق ) على تقدير أن جملة { يُخْرِجُ الحي مِنَ الميت } مفسرة لما قبلها ، والأوّل أولى ، والإشارة { بذلكم } إلى صانع ذلك الصنع العجيب المذكور سابقاً و { الله } خبره . والمعنى : أن صانع هذا الصنع العجيب هو المستجمع لكل كمال ، والمفضل بكل إفضال ، والمستحق لكل حمد وإجلال { فأنّى تُؤْفَكُونَ } فكيف تصرفون عن الحق مع ما ترون من بديع صنعه وكمال قدرته .

/خ99