محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخۡلِفَ وَعۡدِهِۦ رُسُلَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٖ} (47)

/ [ 47 ] { فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله إن الله عزيز ذو انتقام 47 } .

{ فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله } أي من نصرهم المبين في قوله تعالى{[5164]} : { إنا لننصر رسلنا } { كتب الله لأغلبن أنا ورسلي } {[5165]} . { وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنّهم في الأرض } {[5166]} الآية .

واستظهر أبو السعود : أن المعنيّ بالوعد هنا عذابهم الأخروي المتقدم في قوله تعالى{[5167]} : { إنما يؤخرهم ليوم } الخ ، ولا يخفى أن الوعد قد بيّن في مثل هذه الآية الأخيرة والأوليين ، في معناها . والبيان يرفع اللبس . وإنما أوثر تقديم المفعول الثاني ، أعني { وعده } على الأول وهو { رسله } للإيذان بالعناية به . فإن الآية في سياق الإنذار والتهديد للظالمين بما توعدهم الله به على ألسنة الرسل . فالمهم في التهديد ذكر الوعيد . كذا في ( الانتصاف ) .

وفي ( الكشف ) تقديمه للاعتناء به وكونه المقصود بالإفادة . وما ذكره ممن وقع الوعد على لسانه ، إنما ذكر بطريق التبع للإيضاح ، والتفصيل بعد الإجمال . وهو من أسلوب الترقي كما في قوله{[5168]} : { رب اشرح لي صدري } . { إن الله عزيز } أي غالب لا يماكر { ذو انتقام } من أعدائه ، نصرا لأوليائه .


[5164]:[40 / غافر / 51].
[5165]:[58 / المجادلة / 21].
[5166]:[24/ النور / 55].
[5167]:[14 / إبراهيم / 42].
[5168]:[20 / طه / 25].