قوله تعالى : { مُخْلِفَ وَعْدِهِ } : العامَّةُ على إضافة " مُخْلِف " إلى " وعدِه " وفيها وجهان ، أظهرهما : أن " مُخْلف " يَتَعَدَّى لاثنين كفعلِه ، فقدَّم المفعولَ الثاني ، وأُضيف إليه اسمُ الفاعل تخفيفاً نحو : " هذا كاسِيْ جُبَّةٍ زيداً " قال الفراء وقطرب : " لمَّا تعدَّى/ إليهما جميعاً لم يُبَالَ بالتقديمِ والتأخير " . وقال الزمخشري : " فإن قلت : هلا قيل : مُخْلِفَ رسلِه وعدَه ، ولِمَ قَدَّم المفعولَ الثاني على الأول ؟ قلت : قَدَّمَ الوعدَ ليُعْلِمَ أنه لا يُخْلِفُ الوعدَ ثم قال " رسله " ليُؤْذِنَ أنه إذا لم يُخْلِفْ وعدَه أحداً - وليس من شأنِه إخلافُ المواعيد - كيف يُخْلِفُه رُسلَهُ " .
وقال أبو البقاء : " هو قريب من قولهم :
يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدارِ ***
وأنشد بعضُهم نظيرَ الآيةِ الكريمة قولَ الشاعر :
ترى الثورَ فيها مُدخِلَ الظلِ رأسَهُ *** وسائرُه بادٍ إلى الشمسِ أجمعُ
والحُسبان هنا : الأمر المنتفي ، كقوله :
فلا تَحسَبَنْ أني أَضِلُّ مَنِيَّتي *** فكلُّ امرِئٍ كأسَ الحِمام يذوقُ
الثاني : أنه متعدٍّ لواحدٍ ، وهو " وعدِه " ، وأمَّا " رُسُلَه " فمنصوبٌ بالمصدر ، فإنه يَنْحَلُّ لحرفٍ مصدريٍّ وفعلٍ تقديرُه : مُخْلِفُ ما وعدَ رُسَلَه ، ف " ما " مصدريةٌ لا بمعنى الذي .
وقرأت جماعةٌ { مُخْلِفَ وَعْدَ رُسَلَهُ } بنصبِ " وعدَه " وجرِّ " رسلِه " فَصْلاً بالمفعولِ بين المتضايفين ، وهي كقراءةِ ابن عامرٍ { قَتْلُ أَوْلاَدَهمْ شُرَكَآئِهِمْ } قال الزمخشري جرأةً منه : " وهذه في الضَّعْفِ كمَنْ قرأ { قَتْلُ أَوْلاَدَهمْ شُرَكَآئِهِمْ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.