تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخۡلِفَ وَعۡدِهِۦ رُسُلَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٖ} (47)

الآية 47 : وقوله تعالى : { فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله } الخطاب به يحتمل ما ذكرنا ؛ أي لا تحسبن أن ما تأخر من نزول ما وعد أنه يخلف وعده الذي وعد رسله كما لم{[9735]} يكن تأخير العذاب عنهم من وقت ظلمهم عن غفلة وسهو ، ولكن كان وعده إلى ذلك الوقت .

وخلف الوعد في الشاهد من الخلق إنما يكون لوجهين :

أحدهما : لما لا يملك إنجاز ما وعد .

والثاني : لما يضره الإنجاز . فالله يتعالى عن ذلك كله .

وقوله تعالى : { إن الله عزيز ذو انتقام } قال بعضهم : { عزيز } لا يعجزه شيء ، وقيل : { عزيز } قاهر ، يقهر ، ويذل . فالخلائق كلهم أذلاء دونه ، وقوله : { عزيز } أي غالب قاهر { ذو انتقام } لأوليائه من أعدائهم ، أي غالب الأعداء ، وقاهرهم وناصر الأولياء .

وأما ما قال أهل التأويل في قوله : { وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال } إنه نزل في شأن نمرود ، وإنه اتخذ تابوتا ، وربط نسورا على قوائمه ، وما ذكروا إلى آخره ، فلا علم لنا إلى ذلك ، وأظنه أنه كله خيال ، فلا نقول إلا القدر الذي ذكر في الآية .

وقوله{[9736]} : لتزول بنصب اللام الأولى وبرفع الأخيرة على معنى التوكيد ، و { لتزول } بكسر اللام ( الأولى ) {[9737]} ونصب الأخيرة على الجَحدِ{[9738]} ، أي ما كانت الجبال لتزول من مكرهم ، وهو ما ذكر ، والله أعلم .


[9735]:في الأصل وم: لئن.
[9736]:في الأصل وم: و.
[9737]:ساقطة من الأصل وم.
[9738]:انظر معجم القراءات القرآنية ج 3 /242.