قوله تعالى : { فَلاَ تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } لما بين في الآية الأولى أنه ينتصر للمظلوم من الظَّالم بين هاهنا أنه لا يخلف الوعد .
قوله : { مُخْلِفَ وَعْدِهِ } العامة على إضافة : " مخْلِفَ " إلى " وعْدِهِ " وفيها وجهان :
أظهرهما : أن " مُخْلفَ " يتعدَّى لاثنين كفعله ، فقدم المفعول الثاني ، وأضيف إليه اسم الفاعل تخفيفاً ، نحو : هذا كَاسِي جُبَّةِ زيْدٍ .
قال الفراء وقطرب : لما تعدَّى إليهما جميعاً ، لم يبالِ بالتقديم والتأخير .
وقال الزمخشري : فإن قلت : هلاَّ قيل : مُخْلف رسله وعده ؟ ولم قدَّم المفعول الثاني على الأول ؟ .
قلت : قدم الوعد ليعلم أنه لا يخلف الوعد ، ثم قال : " رُسلهُ " ليؤذن أنه إذا لم يخلف وعده أحداً ، وليس من شأنه إخلاف المواعيد ، كيف يخلف رسله ؟ .
وقال أبو البقاء : هو قريبُ من قولهم : [ الرجز ]
يَا سَارِقَ اللَّيْلَةِ أهْلَ الدَّارِ{[19379]} *** . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وأنشد بعضهم -نظير الآية الكريمة- قول الشاعر : [ الطويل ]
تَرَى الثَّورَ فِيهَا مُدخِلَ الظلِّ رَأسَهُ *** وسَائرِهُ بَادٍ إلى الشَّمْسِ أجْمعُ{[19380]}
والحسبان هنا : الأمر [ المتيقن ]{[19381]} ، كقوله : [ الطويل ]
فَلا تَحْسَبنْ أنِّي أضلُّ مَنيَّتِي *** وكُلُّ امرئ كَأسَ الحِمامِ يَذُوقُ{[19382]}
الثاني : أنه متعد لواحد ، وهو " وعْدهِ " ، وأمَّا " رُسلهُ " فمنصوب بالمصدر فإنَّه ينحلْ بحرف مصدريّ ، وفعل تقديره : مخلف ما وعد رسله ، ف " ما " مصدريَّة لا بمعنى الذي ؟
وقرأت{[19383]} جماعة : { مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ } بنصب : " وَعْدهُ " وجر : " رسُلهِ " فصلاً بالمفعول بين المتضايفين ، هي كقراءة ابن عامرٍ : { قَتْلُ أوْلادَهُمْ شُركائِهِمْ ) .
قال الزمخشري -جرأة منه- : " وهذه في الضعف [ كقراءة ]{[19384]} ( قَتْلُ أوْلادَهُمْ شُركائِهِمْ ) .
ثم قال : { إِنَّ الله عَزِيزٌ ذُو انتقام } غالب لأهل المكر ، ذو انتقام لأوليائه منهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.