السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَلَا تَحۡسَبَنَّ ٱللَّهَ مُخۡلِفَ وَعۡدِهِۦ رُسُلَهُۥٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٞ ذُو ٱنتِقَامٖ} (47)

{ فلا تحسبنّ الله } الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد منه أمّته { مخلف وعده رسله } من النصر وإعلاء الكلمة ، وإظهار الدين كما قال تعالى : { إنا لننصر رسلنا } [ غافر ، 51 ] . وقال تعالى : { كتب الله لأغلبنّ أنا ورسلي } [ المجادلة ، 21 ] . فإن قيل : هلا قال مخلف رسله وعده ولم قدّم المفعول الثاني على الأوّل ؟ أجيب : بأنه تعالى قدّم ذلك ليعلم أنه لا يخلف الوعد أصلاً كقوله تعالى : { إنّ الله لا يخلف الميعاد } [ آل عمران ، 9 ]

ثم قال : رسله ليدل به على أنه تعالى لما لم يخلف وعده أحداً ، وليس من شأنه إخلاف المواعيد ، فكيف يخلف رسله الذين هم خيرته وصفوته ؟ { إنّ الله } ، أي : ذو الجلال والإكرام { عزيز } ، أي : غالب يقدر ولا يقدر عليه { ذو انتقام } ، أي : ممن عصاه .