محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالَ فِرۡعَوۡنُ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلۡمَلَأُ مَا عَلِمۡتُ لَكُم مِّنۡ إِلَٰهٍ غَيۡرِي فَأَوۡقِدۡ لِي يَٰهَٰمَٰنُ عَلَى ٱلطِّينِ فَٱجۡعَل لِّي صَرۡحٗا لَّعَلِّيٓ أَطَّلِعُ إِلَىٰٓ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُۥ مِنَ ٱلۡكَٰذِبِينَ} (38)

{ وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي } هذا حكاية لتمرده وعتوه وطغيانه في تفوهه بتلك العظيمة . كما واجه موسى عليه السلام بها في قوله {[5999]} : { لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين } وكما قال تعالى {[6000]} : عنه { فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى * فأخذه الله نكال الآخرة والأولى * إن في ذلك لعبرة لمن يخشى } يعني أنه جمع قومه ونادى فيهم معلنا بذلك . فانتقم منه بما جعله عبرة لمن اعتبر { فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ } أي نارا ، فاتخذ منه آجرا .

قال الزمخشري : ولم يقل ( اطبخ لي الأجر واتخذه ) لأن هذه العبارة أحسن طباقا لفصاحة القرآن وعلو طبقته ، وأشبه بكلام الجبابرة . وهامان وزيره ومدبر رعيته { فَاجْعَل لِّي } أي من الآجر { صَرْحًا } أي قصرا رفيعا إلى السماء { لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى } يعني العلي الأعلى ، تبارك وتعالى { وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ } أي في دعواه الألوهية ، والعلو لباري الأرض والسماوات .


[5999]:(26 الشعراء 29).
[6000]:(79 النازعات 23 – 26).