ثم بين تعالى كذبهم في أيمانهم الفاجرة على أبلغ وجه وأكده بقوله :
[ 111 ] { ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله ولكن أكثرهم يجهلون ( 111 ) } .
{ ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة } أي : ولو أننا لم نقتصر على إيتاء ما اقترحوه هنا من آية واحدة ، بل نزلنا إليهم الملائكة ، كما قالوا : { لولا أنزل علينا الملائكة }{[3638]} .
{ وكلمهم الموتى } كما قالوا : { فأتوا بآبائنا إن كنتم صادقين }{[3639]} ، { وحشرنا } أي : جمعنا { عليهم كل شيء } من الحيوانات والنباتات والجمادات ، { قبلا } أي : كفلاء بصحة ما بشروا به وأنذروا { ما كانوا ليؤمنوا } لغلوهم في التمرد والطغيان ، { إلا أن يشاء الله } أي : إيمانهم فيؤمنوا ، { ولكن أكثرهم يجهلون } أي : / إنهم لو أوتوا كل آية لم يؤمنوا ، فيقسمون بالله جهد إيمانهم على ما لا يكاد يكون . أو يجهلون أن الإيمان بمشيئة الله لا بخوارق العادات .
قال القاشاني : وفي الحقيقة لا اعتبار بالإيمان المرتب على مشاهدة خوارق العادات ، فإنه ربما كان مجرد إذعان لأمر محسوس ، وإقرار باللسان ، وليس في القلب من معناه شيء ، كإيمان أصحاب السامري . والإيمان لا يكون إلا بالجنان ، كما قال تعالى : { قالت الأعراب آمنا ، قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم }{[3640]} .
الأول- يقرأ { قبلا } بضم القاف والباء ، وفيه وجهان : أحدهما : هو جمع قبيل بمعنى الكفيل ، مثل قليب وقلب ؛ والآخر : أنه مفرد ، كقبل الإنسان ودبره . وعلى كلا الوجهين هو حال من كلا . ويقرأ بالضم وسكون الباء على تخفيف الضمة ويقرأ بكسر القاف وفتح الباء ، وانتصابه على الظرفية . كقولهم : لي قبل فلان حق . أو على الحالية ، وهو مصدر ، أي عيانا ومشاهدة .
الثاني- في قوله تعالى : { إلا أن يشاء الله } حجة واضحة على المعتزلة ، لدلالته على أن جميع الأشياء بمشيئة الله تعالى ، حتى الإيمان والكفر . وقد اتفق سلف هذه الأمة ، وحملة شريعتها على أنه ما شاء الله كان ، وما لم يشأ لم يكن . وللمعتزلة تحيل في المدافعة بحمل المشيئة المنفية ، على مشيئة القصر والاضطرار . وإنما يتم لهم ذلك أن لو كان القرآن يتبعه الآراء . وأما وهو القدوة والمتبوع ، فما خالفه حينئذ وتزحزح عنه ، فإلى النار ، وما بعد الحق إلا الضلال .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.