تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (27)

يبين الله تعالى أن نِعم الله وهذه المخلوقات لا حصر لها ، ولا يعلمها إلا خالقها ، وأن حكم الله وآياته وكلماته لا تنفد ولا تُحصر ولا تعدّ ، كما قال : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ الله

لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ] .

لو تحولت كل أشجار الأرض أقلاما ، وصارت مياه البحار الكثيرة مداداً تُكتب به كلماتُ الله ، لنفدت الأقلام ُونفد المداد قبل أن تنفد كلمات الله .

قراءات :

قرأ ابر عمرو ويعقوب : { والبحرَ يمده } بنصب البحر ، والباقون : { والبحرُ } بالرفع .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (27)

قوله سبحانه وتعالى :{ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام } الآية . قال المفسرون : " نزلت بمكة ، قوله سبحانه وتعالى : { ويسألونك عن الروح } إلى قوله : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا : يا محمد ، بلغنا عنك أنك تقول : { وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً } أفعنيتنا أم قومك ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : كلا قد عنيت ، قالوا : ألست تتلو فيما جاءك أنا أوتينا التوراة وفيها علم كل شيء ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما إن عملتم به انتفعتم ، قالوا : يا محمد كيف تزعم هذا وأنت تقول : { ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً } فكيف يجتمع هذا علم قليل وخير كثير ؟ فأنزل الله هذه الآية " . قال قتادة : إن المشركين قالوا : إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع ، فنزلت : { ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام } أي : بريت أقلاماً ، { والبحر يمده } قرأ أبو عمرو ويعقوب : والبحر بالنصب عطفاً على ما ، والباقون بالرفع على الاستئناف { يمده } أي : يزيده ، وينصب فيه { من بعده } من خلفه ، { سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله } وفي الآية اختصار تقديره : ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر يكتب بها كلام الله ما نفدت كلمات الله . { إن الله عزيز حكيم } وهذه الآية على قول عطاء بن يسار مدنية ، وعلى قول غيره مكية ، وقالوا : إنما أمر اليهود وفد قريش أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولوا له ذلك وهو بعد بمكة ، والله أعلم .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (27)

قوله تعالى : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 27 ) مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } .

سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالت : يا محمد ، كيف عُنينا بهذا القول { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا } ونحن قد أوتينا التوراة فيها كلام الله وأحكامه ، وعندك أنها تبيان كل شيء ؟ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : " التوراة قليل من كثير " والآية مدنية{[3661]} .

والمعنى : لو أن جميع الأشجار جُعلت أقلاما ثم جُعل البحر مدادا ، وأمدّه معه سبعة أبحر ، فكتبت بها كلمات الله لتكسرت الأقلام ونفذت مياه البحار ولو جيء بأمثالها مدادا . والمراد بكلمات الله علمه بحقائق الكون والأشياء . وقيل : أسماؤه الحسنى وصفاته العظمى وكلماته التامة . والأول أظهر { والبحر } يقرأ بالرفع والنصب . أما الرفع على أن تكون الواو ، واو الحال . والبحر مبتدأ ، وخبره { يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } والجملة في موضع نصب على الحال ، وأما النصب فبالعطف على { مَّا } وقيل : منصوب بتقدير فعل . وتقديره : يمد البحر يمده{[3662]} .

قوله : { إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } الله قوي قاهر لا يغلبه غالب ، وهو منتقم من الظالمين المعرضين عن دينه ، السادرين في الغي والكفر . وهو سبحانه حكيم في أفعاله وأقواله وتدبيره شؤون خلقه .


[3661]:تفسير القرطبي ج 14 ص 76 وأسباب النزول للنيسابوري ص 233.
[3662]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 256.