بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَلَوۡ أَنَّمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ مِن شَجَرَةٍ أَقۡلَٰمٞ وَٱلۡبَحۡرُ يَمُدُّهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦ سَبۡعَةُ أَبۡحُرٖ مَّا نَفِدَتۡ كَلِمَٰتُ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٞ} (27)

قوله عز وجل : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } الآية . قال قتادة : ذلك أن المشركين قالوا : هذا كلام يوشك أن ينفد وينقطع . فنزل قوله تعالى : { وَلَوْ أَنّ مَّا فِي الأرض } الآية . قال ابن عباس في رواية أبي صالح : " إن اليهود أعداء الله . سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح فنزل { قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَآ أُوتِيتُم مِّن العلم إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 85 ] قالوا : كيف تقول هذا وأنت تزعم أن من أُوتي الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً . فكيف يجتمع علم قليل وخير كثير ؟ " فنزل { وَلَوْ أَنَّ مَّا فِي الأرض مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } يقول : لو أن تبرى الشجر وتجعل أقلاماً { والبحر يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ } تكون كلها مداداً ، يكتب بها علم الله عز وجل ، لانكسرت الأقلام ، ولنفد المداد ، ولم ينفد علم الله تعالى ، فما أعطاكم الله من العلم قليل فيما عنده من العلم . قرأ أبو عمرو : { والبحر يَمُدُّهُ } بنصب الراء . وقرأ الباقون : بالضم . فمن قرأ بالنصب نصبه . لأنّ معناه : ولو أن ما في الأرض وأن البحر يمده . ومن قرأ بالضم : فهو على الاستئناف { والبحر يَمُدُّهُ } يعني : أمد إلى كل بحر مثله ما نفدت { مَّا نَفِدَتْ كلمات الله } يعني : علمه وعجائبه . ويقال : معاني كلمات الله . لأن لكل آية ولكل كلمة من المعاني ما لا يدرك ولا يحصى . ويقال : { مَّا نَفِدَتْ كلمات الله } لأن كلمات الله لا تدرك ما تكلم به في الأزل .

ثم قال : { إنَّ الله عَزِيزٌ } عزيز بالنعمة على الكافر ، { حكيم } حكم أنه ليس لعلمه غاية ، وأن العلم للخلق غاية .