تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

أقسط : أعدل .

مواليكم : أولياؤكم ، المولى له عدة معان : المولى الربّ ، والمالك ، والولي المحب ، والصاحب ، والجار ، والقريب من العصبة كالعم وابن العم ونحو ذلك ، والمعتِق والعبد .

وأمرنا أن ندعوهم ( الأدعياء ) لآبائهم ، فإذا لم نعلم آباءهم فإنهم إخواننا في الدّين وموالينا وأحبابنا .

ويرفع الله عنا الحرج بما أخطأنا به : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ } ، ويحذّرنا من أن نتعمد الأعمالَ الممنوعة ، ومع هذا فإنه غفور رحيم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

قوله تعالى :{ ادعوهم لآبائهم } الذين ولدوهم ، { هو أقسط } أعدل ، { عند الله } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا معلى بن أسد ، أنبأنا عبد العزيز المختار ، أنبأنا موسى بن عقبة ، حدثني سالم عن عبد الله بن عمر أن زيد بن حارثة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما كنا ندعو إلا زيد بن محمد حتى نزل القرآن { ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله } { فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم } أي : فهم إخوانكم ، { في الدين ومواليكم } إن كانوا محررين وليسوا بنيكم ، أي : سموهم بأسماء إخوانكم في الدين . وقيل : مواليكم أي : أولياءكم في الدين ، { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } قبل النهي فنسبتموه إلى غير أبيه ، { ولكن ما تعمدت قلوبكم } من دعائهم إلى غير آبائهم بعد النبي . وقال قتادة : فيما أخطأتم به أن تدعوه لغير أبيه ، وهو يظن أنه كذلك . ومحل " ما " في قوله تعالى : ما تعمدت خفض رداً على ما التي في قوله فيما أخطأتم به مجازه : ولكن فيما تعمدت قلوبكم . { وكان الله غفوراً رحيماً } .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، أنبأنا محمد بن إسماعيل ، أنبأنا محمد بن بشار ، أنبأنا غندر ، أنبأنا شعبة عن عاصم ، قال : سمعت أبا عثمان قال : سمعت سعداً ، وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله ، وأبا بكرة وكان قد تسور حصن الطائف في أناس ، فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا : سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام " .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱدۡعُوهُمۡ لِأٓبَآئِهِمۡ هُوَ أَقۡسَطُ عِندَ ٱللَّهِۚ فَإِن لَّمۡ تَعۡلَمُوٓاْ ءَابَآءَهُمۡ فَإِخۡوَٰنُكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَٰلِيكُمۡۚ وَلَيۡسَ عَلَيۡكُمۡ جُنَاحٞ فِيمَآ أَخۡطَأۡتُم بِهِۦ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتۡ قُلُوبُكُمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمًا} (5)

قوله تعالى : { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا }

نزلت هذه الآية في زيد بن حارثة كما بيناه آنفا . وفي ذلك كان ابن عمر يقول : ما كنا ندعو زيد بن حارثة إلا زيد بن محمد . وهذا يدل على أن التبني كان معمولا به في الجاهلية وبعض من الوقت في الإسلام . وكانوا يتوارثون به ويتناصرون حتى نسخ الله ذلك بقوله : { ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ }

أي انسبوا هؤلاء الأدعياء الذين ألحقتم أنسابهم بكم – لآبائهم . فوجب بذلك أن يُنسب زيد لأبيه حارثة ، فلا يدعي : زيد بن محمد . وذلك عند الله أعدل وأصوب وأصدق من دعائكم إياهم لغير آبائهم .

قوله : { فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ } يعني إذا لم تعلموا من هم أدعيائكم لتنسبوهم إليهم فهم إخوانكم في الدين ؛ أي ينادي أحدكم الدعي بقوله : يا أخي . والمقصود أخوة العقيدة والدين لا أخوة النسب . { وَمَوَالِيكُمْ } أي أولياؤكم في الدين . فليقل أحدكم : هذا أخي وهذا مولاي . ويا أخي ويا مولاي ، يريد بذلك الأخوة في الدين والولاية فيه .

قوله : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } أي لا بأس عليكم ، ولا إثم فيما وقعتم فيه من الخطأ بنسبة بعض الأدعياء إلى آبائهم وأنتم تحسبون أنهم أبناؤهم وهم في الحقيقة أبناء لغيرهم . فلو دعوت رجلا إلى غير أبيه وأنت ترى أنه أبوه فلا بأس عليك في ذلك .

قوله : { وَلَكِنْ مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } { مَّا } ، في موضع رفع على الابتداء . وتقديره : ولكن ما تعمدت قلوبكم يؤاخذكم به . وقيل : في موضع جر بالعطف على { مَّا } في قوله تعالى : { فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ } {[3693]}

والمعنى : ولكن الإثم والحرج عليكم فيما نسبتموه إلى غير أبيه ، وأنتم تعلمون أنه ابن لغير ما تنتسبونه إليه .

قوله : { وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } الله يستر الذنب على من ظاهر زوجته فقال الباطل والزور من القول ، وكذلك يستره على من ادعى ولد غيره ابنا له ، إذا تابا وأنابا وانتهيا عن قول المنكر والزور من الكلام . الله جل وعلا يتجاوز بفضله عن سيئاتهما ويرحمهما برحمته فلا يعاقبهما على ما بدر منهما بعد توبتهما{[3694]} .


[3693]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 264.
[3694]:الكشاف ج 3 ص 250 وفتح القدير ج 3 ص 260 وتفسير الطبري ج 21 ص 76 وتفسير القرطبي ج 14 ص 119-120.